الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } * { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }

{ أو يُزوجهُم ذُكرانا وإناثا } كرسول الله صلى الله عليه وسلم له أربعة بنين وأربع بنات، والتزويج جعل الشىء زوجا، فذكرانا حال من الهاء، أى يزوج الأولاد ذكرانا واناثا أى يخلق ما يهب لهم زوجا زوجا، وعطف بأو لأنه قسم الانفراد المشتركين الأولين، والواو للمعية، لأن حق ما بعدها التأخير عن القسمين سياقا ووجودا، أو لأن المراد: يهب لمن يشاء ما لا يهواه، ويهب لمن يشاء ما يهواه، او يهب النوعين، ولتركبه منهما لم يذكر المشيئة.

{ ويَجْعل مَن يشاء عقيما } لا يولد له كيحيى وعيسى، ذكر المشيئة لأنه قسم آخر، قال مجاهد: التزويج أن تلد المرأة غلاما ثم جارية، وقال محمد بن الحنفية: أن تلد غلاما وجارية من بطن واحد، وقيل الآية فى الأنبياء، وهب لشعيب ولوط اناثا، ولابراهيم ذكورا، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكورا واناثا، وجعل عيسى ويحيى عقيمين { إنه عليمٌ قديرٌ } لا يعجزه ذلك ولا غيره، قالت قريش: يا محمد ألا تكلم الله وتنظر اليه، كما كلمه موسى ونظر اليه ان كنت نبيا صادقا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " لم ينظر موسى الى الله تعالى " فنزل:

{ وما كانَ لبشرٍ أن يكلِّمه الله إلا وحياً } الخ قالت عائشة رضى الله عنها من زعم أن محمدا رأى ربه فقد كذب على الله سبحانه وتعالى، ثم قرأت:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } [الأنعام: 103] وقرأت: { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } الخ ووحياً مفعول مطلق على حذف مضاف، أى إلا كلام وحى، أو مفعول مطلق لحال محذوفة أى إلا موحياً وحيا، أى ايحاء، ولا يجعل المصدر حالا مبالغة، أو لتأويل الوصف، أو تقدير مضاف مثل مصاحب، إلا إذا لم يوجد إلا ذلك، ولا ثقل: إن القرآن هو المقيس عليه وفيه ما ظاهره وقوع المصدر حالا، فنقيس وقوع المصدر حالا، لأنا نقول لم تترجح حالية المصدر فيه، ولم تتعين، فكيف يقال بحالية المصدر، وان تعين فى موضع فقيل لا يقاس عليه، وقيل: منصوب على الاستثناء المنقطع بناء على أنه غير مفرغ، وأن الكلام قبله تام أى ما كان لبشر أن يكلمه الله مشافهة لكن كلامه وحى، تعالى عن الجوارح وسائر صفات الخلق.

والوحى هنا الالقاء فى القلب فى اليقظة أو المنام، والالقاء أعم من الالهام، فان الايحاء الى أم موسى الهام، والى ابراهيم القاء فى المنام، وايجاد الزبور إلقاء فى اليقظة، وشهر أن غير القرآن من كتب الله عز وجل نزل مكتوبا، ويجوز اطلاق الالقاء على الكتب المنزلة مكتوبة، والالهام لا يستدى صورة كلام نفسى فى قلب السامع، بل يستدعى مطلق فهم، والله منزه عن الكلام النفسى، والزبور يستدعيه، وحاء اطلاق الوحى على الإلقاء فى قول عبيد بن الأبرص:

السابقالتالي
2