الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ }

{ ولَمن صبَرَ } للظلم، أو بمعنى أصلح { وغفَرَ } للظالم حيث لا ينقص دين الله بذلك { إنَّ ذَلكَ } المذكور من الصبر والغفران { لِمَن عَزم الأمور } أى الأمور ذات العزم، أى المعزوم عليها أى التى عالج النفس وقهرها عليها، إذ صبر وغفر مع القدرة، أو الأمور العازمة، واللام للابتداء لا للقسم، إذ لا دليل عليه، ومن موصولة لا شرطية لاحتياجها الى حذف الجواب، أو تقدير الفاء واللام فى قوله: { لمِن عزم الأمور } لام التأكيد، خبر ان لا لام القسم، ورابط المبتدأ محذوف أى ان ذلك منه، أو الإشارة الى ما أضيف الى ضميره، أى إن ذلك المذكور من صبره أو غفره، أو إن فعله ذلك، وفى الحقيقة الربط بهذا الضمير، أو الاشارة الصابر الغافر، فهى الرابط على حذف مضاف، أى ان شأن ذلك الصابر الغافر لمن عزم الأمور.

قالت عائشة رضى الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كنت بين شر جارين بين أبى لهب وعقبة بن أبى معيط ان كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابى حتى إنهما ليأتيان ببعض ما يطرحان فيطرحانه على بابى " قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال موسى بن عمران: يا رب من أعز عبادك عندك؟ قال من اذا قدر غفر " رواه البيهقى، قال أنس: " اذا أوقف الله العباد الحساب، نادى مناد ليقم من أجره على الله تعالى، فليدخل الجنة، ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله تعالى قالوا: من الذى أجره على الله تعالى؟ قال العافون عن الناس فقام كذا وكذا ألفا فدخلوا الجنة بغير حساب " كذا رواه البيهقى.

وعن أبى هريرة: شتم أبا بكر رجل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبى صلى الله عليه وسلم وقام، ولحقه أبو بكر رضى الله تعالى عنه، فقال: يا رسول الله كان يشتمنى وأنت جالس، فما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟ قال: " إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاث من الحق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضى عنها الله تعالى إلا أعزه الله عز وجل بنصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله تعالى بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة إلا زاده الله بها قلة " وفى هذه الرواية عتاب الصديق على ترك الأولى، لا منافاة للآية، فقد روى ابن ماجة والنسائى " أن زينب دخلت على عائشة فجعلت تسبها فنهاها النبى صلى الله عليه وسلم ولم تنته، فقال صلى الله عليه وسلم: سبيها فسبتها حتى جف ريق زينب، ووجهه يتهلل أى زاد تهللا بالانصاف لها، أو بقى على حاله من التهلل لم يتغير " ، وقيل الأولى رفع المسىء الى من يحكم بالحق.