الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }

{ إن يشَأ يُسْكن الريح } التى تجرى بها وذلك الاسكان بتمويجها، وسبب التمويج تكاثف الجو الذى قدام السفن، وتراكم بعضه على بعض، لأنه جسم لطيف، وسبب التكاثف اما انخفاض درجة حرارة الجو، فيقل امتداده، ويتكاثف ويترك أكثر المحل الذى هو مشغول به حالياً، واما اجتماع بفجاءة يحصل فى الأبخرة المنتشرة فى الجو، فيخلو محلها، فاذا وجد الجو أما من قريب جرى بقوة ليشغله فتحدث الريح، وتستمر حتى تملأ المحل، وذلك أسباب خلقها الله، ولو شاء لفعل بلا سبب.

{ فيَظْللنَ } يصرن بالاسكان، أو يدمن، وأصله الفعل فى ظل النهار { رَواكِد } واقفات عن الجرى لا عن الحركة، لأنهن يتحركن { على ظَهْره } ظهر البحر { إنَّ فى ذلكَ } المذكور من اجراء السفن فى الماء { لآياتٍ } دلائل عظيمة كثيرة على وجوده، لمن لم يعلم وجوده، وعلى كمال قدرته لمن علم وجوده، ولمن لم يعلم اذا علم وهكذا قل فى غير هذه الآية من القرآن فحسب الصلوح { لِكلِّ صبَّارٍ } عن ما لا ينبغى من المعاصى والمكاره، وعلى الاكثار من اللذات، وعن الجزع بالمصائب، وعلى التفكر فى الآيات، وعلى الطاعات { شَكُور } بالطاعة، ومنها التفكر فى نعمه، وهو شكر وخصّ الصبار الشكور لأنهم المتفكرون فى الآيات، المنتفعون بالآيات، والإيمان نصفه صبر، ونصفه شكر، والمؤمن إما فى الضراء صابر فيها، واما فى السراء شكر فيها.