الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }

{ ويَسْتَجيبُ } الله { الَّذين آمنُوا وعمِلوا الصالحات } قيل منصوب على حذف الجار، أى للذين، وهذا من العجيب يكثرون القول بنزع الجار فى القرآن مع أنه سماعى لا يقال به إلا حيث لم يوجد وجه غيره، فنقول: استجاب يتعدى بنفسه تارة كما هنا، وباللام أخرى، كشكرته وشكرت له، ويتعدى الى الدعاء بنفسه، ولا مفعول له اذا عدى باللام مقدرة، لأن المعنى الاقبال عليهم وعدم الاعراض عنهم اذا دعوا، وذلك كما يقال: أجابه وأجاب له، فاستجاب وأجاب بمعنى، ويجوز أن يقدر: ويستجيب دعاء الذين آمنوا، وقيل: المعنى يثبت الذين آمنوا على أعمالهم، فإن الطاعة تشبه الدعاء، لأنها طلب لما يترتب عليها، والاثابة عليها تشبه اجابة الدعاء، كما يسمى الثناء دعاء لأنه تترتب عليه المكافأة، كما تترتب الاجابة على الدعاء.

قال صلى الله عليه وسلم: " أكثر دعائى ودعاء الأنبياء قبلى لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير " إما أن يريد بالدعاء العبادة أو ظاهره، سماها دعاء لترتب الثواب كترتب الاجابة على الدعاء، أو لأن المشتغل بالعبادة يعطى أفضل مما يعطى الداعى، قال الله عز وجل: " من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين " قال أمية بن الصلت لابن جدعان حين أراد معروفة:
أأذكر حاجتى أم قد كفانى   ثناؤك إن شيمتك الوفاء
قال صلى الله عليه وسلم: " أفضل الدعاء الحمد لله " يعنى أن الحمد يدل على السؤال بالتعريض أو شبه العبادة بالدعاء، ومن أجاز الجمع بين الحقيقة والمجاز أجاز تفسير الاستجابة باجابة الدعاء، والاثابة على الطاعة معا، وكل منهما احسان فيجوز حمله على عموم المجاز، وقيل الذين فاعل يستجيب، أى يستجيبون الله، أى قالوا ما أمرهم به، وعملوا به، والمضارع على كل حال للتجدد والعطف على قوله تعالى:هو الذي يقبل التوبة عن عباده } [الشورى: 25] قيل لابراهيم بن أدهم: ما لنا ندعو ولا نجاب؟ قال: لأن الله تعالى دعاكم فلم تجيبوه فقرأوالله يدعو إلى دار السلام } [يونس: 25] { ويستجيب الذين آمنوا } يعنى إن الذين فاعل يستجيب، فمن لا يحب الله لا يحبه، والذين آمنوا على عمومه لفظا ونزولا.

وقال سعيد بن جبير: قالت الأنصار: يا رسول الله هذه أموالنا تحكم فيها لما يعروك، فنزل قوله تعالى:قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } تودون قرابتى من بعدى فخرجوا مسلمين وقال المنافقون: افترى على الله فى حب قرابته من بعده فنزل:أم يقولون افترى } [الشورى: 24]ٍ الخ فقرأها عليهم فتابوا، فنزل:وهو الذي يقبل } [الشورى: 25] الخ فقرأها عليهم، وقرأ: { ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات }.

{ ويزيدُهُم } على ما سألوا واستحقوا { من فَضْله } قال بعض المحققين: الظاهر أن هذا الحديث موضوع { والكَافرون لَهُم عذابٌ شَديدٌ } مقابل لاجابة المؤمنين والتفضل عليهم.