الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ }

{ الله الَّذى أنْزلَ الكتاب } القرآن وأل للعهد أو جنس الكتب وأل الجنس، والمقام قابل لاستغراق بأن يكون المعنى: إن الكتب كلها من الله، وأنه لا شىء منها على غير حق كما قال: { بالحقِّ } ملتبسا بالحق، أو مصاحبا له { والمِيزانَ } العدل الشبيه بالميزان لجامع عدم الزيادة والنقصان، أى أنزل وجوب العدل فى أفعالكم وأقوالكم واعتقادكم فى الديانات، والخصام أو الميزان الأحكام الشرعية النازلة، الشبيهة بالميزان كذلك،واسناد الانزال الى الكتاب بمعنى الألفاظ والشرع، وهو معانيه، ووجوب العدل حقيقة شرعية، وقيل الانزال استعارة، وأصله فى الاجسام، ويضعف أن يفسر الميزان بحقيقته، والتجوز فى الانزال، لأن المراد بانزاله العمل به لئلا يتغابن الناس، ولم ينزل جسم الميزان، والتفسير بالميزان حقيقة هو ظاهر قول ابن عباس فى الآية: إن الله أمر بالايفاء، ونهى عن البخس، وأضعف من هذا أن يفسر بتمييز الحسنات والسيئات ومقتضاهن من الجزاء يوم القيامة، وأشد ضعفا منه تفسيره بميزان حقيق توزن به الحسنات والسيئات يوم القيامة عند قومنا المثبتين له، وأول من أمر بآلة الميزان نوح عليه السلام.

{ وما يُدريك لَعل السَّاعة قريبٌ } فيه مناسبة لتمييز الحسنات والسيئات يوم القيامة أى وما يصيرك داريا بشأن الساعة، لعل الساعة قريب، فيجازى المكلف على جرمه، والمطيع على إحسانه، فاجتهد فى العدل والشرع قبل مفاجأتهما، والساعة يوم القيامة، وهو وما بعد البعث شىء واحد فيه الجزاء بعد البعث، والساعة أمر ثابت نمشى بمضى الليالى والأيام اليها،فلا حاجة الى تقدير مضاف، أى أتيان الساعة، وقدره بعض المحققين وجعله وجها فى تذكيره قريب، أو ذكر لأنه نعت لمذكر، أى أمر قريب، أو وقت قريب، أو لأن الساعة وقت، أو أريد بها البعث، أو لجواز التأنيث فى النسب، ويجعل قريب للنسب كامرأة لابن وتامر، أى ذات قرب.