الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } * { وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ }

{ فلذلكَ } الفاء عاطفة والاشارة الى الائتلاف المأمور به من النهى عن التفرق، أو الى ما أوصى به الأنبياء من التوحيد والعمل، واللام بمعنى الى متعلق بقوله تعالى: { فادعُ } وفاؤه صلة، أو فى جواب شرط، أى إذا كان التفرق موجبا للعذاب بالاستئصال، لولا ان الله عز وجل يؤخر العقاب فادع الى الائتلاف، أو اللام للتعليل، والاشارة الى العذاب متعلق بادع على وجه الشرط، أو الصلة، ومعموله الآخر محذوف، أى فادع لأجل ذلك العذاب الى الائتلاف، ولا تقل المعنى لأجل ذلك التفرق، وتشعب الكفر، ادع الى الائتلاف، إذ لا وجه له إلا على تقدير محذوف، أى لأجل إزالة ذلك التفرق، أو لقصد إزالة التفرق، وتجوز الاشارة الى الشرع المعلوم من شرع، والفاءان على ما سبق، واللام بمعنى الى، اى ادع الى ذلك الشرع، أو للتعليل أى ادع لأجل ذلك الشرع، الى الائتلاف، فحذف الى الائتلاف، ويجوز أن تكون الفاء الأولى فى جواب شرط، والثانية تأكيد لها، واللام بمعنى الى أى اذا كان الشرع ما ذكر، ووجبت الاستقامة، أو اذا كان العذاب مترتبا على التفرق، فادع الى الائتلاف المعلوم.

{ واسْتَقِم كَما أمِرت } دم على الاستقامة، وان اعتبرت أن هذا الأمر متوجه اليه كل ساعة لم تحتج الى التفسير بالدوام والماصدق واحد، وكذا ان فسر بلزوم والمنهاج المستقيم، والمراد استقم فى جميع الأمور، وقيل: المراد استقم اثبت على الدعاء الى الائتلاف لمناسبة ما قبله، وكما أمرت نعت لمفعول مطلق، أى استقم استقامة ثابتة كما أمرت به، وحذف الرابط المجرور فى الصلة بالحرف، وقد قيل: يجوز حذفه بلا شرط إذا ظهر المراد { ولا تَتَّبع أهْواءَهُم } لا كلها ولا بعضها،ولا هوى بعض ولا هوى كل مهما يكن من شىء هوى لهم فى الدين، فلا تتبعه.

{ وقُل آمنتُ بما أنزل الله مِنْ كتاب } أى كتاب من كتب الله أى ما يسمى كتابا من الله، فقد آمنت به بلا فرق بين كتاب وكتاب، ولا بين نبى ونبى، أى قل لأهل الكتاب، ولو كانت السورة مكية، أو قل لقومك لأنها كلها حق لا كأهل الكتاب، يؤمنون ببعض الأنبياء والكتب، ويكفرون ببعض كقوله تعالى:ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض } [النساء: 150]، الى قوله تعالى:أولئك هم الكافرون حقا } [النساء: 151] وفى معنى ذلك اعراض الجهال عن قوله تعالى:يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } [الأحزاب: 56] وقوله تعالى:يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا } [النور: 27] الخ وفى الآتية اثبات أن كتب الله كلها حق، والأنبياء كذلك، وفيه تأليف قلوبهم، إذ آمن بكتبهم ورسلهم وتعريض بهم إذ لم يؤمنوا ببعض.

السابقالتالي
2 3