الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ إنَّ الذينَ آمنُوا وعَمِلوا الصالحات لهُم أجْرٌ غَير مَمْنونٍ } غير مقطوع، أو لا يمن به عليهم، وقيل غير محسوب، وقيل غير منقوص والقولان تفسير بحاصل المعنى، وعلى كل حال يكون ذلك تعريضا بالمشركين، بأنه لا خير لهم، لأنهم لا يؤتون الزكاة ومقابلة لقولهوويل للمشركين } [فصلت: 6] وكأنه قيل: وطوبى للمؤمنين، وقيل المراد أنه لا يقطع عملهم أذ تركوه أو بعضه لهرم أو مرض أو مانع حتى يقال يكتب للحائض أنها صامت وصلت وفعلت ما لا تفعله الحائض، أذ صحت نيتها وقصدها، ومثلها النفساء، مثل أن تعزم على عبادة فيمنعها الحيض أو النفاس، أو تشتد رغبتها ونيتها أنه لولا الحيض والنفاس لوصلت العبادة، ولم تقطعها، بل يكتب لهم فى حال تركه ما داموا أحياء، وكذا الحائض والنفساء.

وفى البخارى، عن أبى موسى الأشعرى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة، وغير مرتين يقول: " إذا كان العبد يعمل عملا صالحا فشغله عنه مرض أو سفر كتب الله تعالى له كصالح، ما كان يعمل وهو صحيح مقيم " وروى: " اذا مرض أو هرم أو عجز لحادث، كتب الله تعالى له كصالح ما كان يعمل، وقال للملائكة: اكتبوه له فأنا قيدته ". { قُل أئِنكم لتكْفُرون بالَّذي خَلق الأرضَ في يَوْمين } جرى قضاؤه أن يخلقها فى مقدار يومين، فأخبر بما جرى به قضاؤه، وخلقها فى يومين، وذلك لحكمة يعلمها، وفى ذلك اشارة الى استحباب التأنى فى الأمور، ولو شاء لخلق الأرضين والسماوات، والعرش والكرسى والملائكة والثقلين، والحيوانات والبحور، وغير ذلك، فى أقل من لحظة، وزعم بعض أنه خلق أصلها ومادتها فى يوم، وصورها فى يوم، يوم الأحد ويوم الاثنين { وَتَجْعَلُون لَه أنْداداً } آلهة تنازعه وتشاركه فى زعمكم من الملائكة والجن وغيرها، وجمع الند، لأنه الواقع لا لكونهم لا يؤخذون على الند، والندين، فانهم يؤخذون على الواحد وغيره { ذَلك } العالى الشأن لصفاته وأفعاله، وأفرد الكاف لأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لكل أحد على سبيل البدلية لا لمخصوصين { ربُّ العالمين } كلهم الأرض وغيرها من الأجسام والأعراض، فكيف يجعل مملوكه ندا له.