الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَٱسْتَقِيمُوۤاْ إِلَيْهِ وَٱسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ } * { ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ }

{ قُلَّ إنَّما أنا بشَرٌ مِثْلُكم } لا ملك ولا جنى يمنعكم التلقى منى، فما هذا الحجاب الذى تدعون بيننا، لا مغايرة بيننا بالجنسية تقتضى تغاير الأديان، وهذا جواب لقولهم:قلوبنا في أكنة } [فصلت: 5] أى لست بملك، بل بشر مثلكم أوحى الى دونكم، وصحت نبوَّتى فوجب اتباعى فيما أوحى إلىَّ من أن الهكم واحد، ولا يصح ما قيل: إنى بشر مثلكم لا أقدر أن أخرج قلوبكم عن الأكنة، وأرفع الحجاب والوقر، لأن ذلك تكلف فى التفسير لا دليل عليه، ولا تبادر، ولو كان المعنى صحيحاً، وكذلك لا يفسر بأن البشرية التى تنفون بها رسالتى هى التى تثبت الرسالة، اذ لا يرسل ملك ولا جنى، ولو صح المعنى.

{ يُوحَى إلي َّ أنَّما إلهكُم إلهٌ واحدٌ } يوحى الى الصحيح أن إنما المفتوحة تفيد الحصر كالمكسورة، حصر الوحدانية لله عز وجل، وهو أمر معقول ظاهر الدلائل، يدخل الأسماع، فكيف تقولون، قلوبنا فى أكنة مما تدعوننا اليه، وفى آذاننا وقر { فاسْتَقيمُوا إليْه } توجهوا إليه بالتوحيد واخلاص العبادة { واسْتَغْفروه } من شرككم وسائر ذنوبكم { وويْلٌ للمُشْرِكين * الَّذين لا يؤتُون الزكاة } انكار لها أن تكون من الله تعالى وشحا وعدم الشفقة على المساكين، ولم يذكر المساكين، لأن المقام لذكر شحهم وانكارهم، لا من يعطونه، وقد فرض فى مكة شىء يعطى يسمى زكاة، ثم نسخ بالزكاة المفروضة فى المدينة، والمال شقيق الروح، فمن لم يؤمن بالله لا تسمح نفسه بزكاته، ومن أعطاها لله تعالى تبين أنه صحيح الايمان، وما ارتدت بنو حنيفة الا للزكاة، وذلك يدل على خطاب المشركين بالفروع كالأصول، اذ رتب الويل على ترك الزكاة، كما رتبه على الشرك، وحمل ابن عباس ومجاهد على المعنى اللغوى، أى لا يؤتون أنفسهم أو النبى صلى الله عليه وسلم الطهارة بالايمان والعمل، وعبارة بعض لا يزكون أعمالهم، اى لا يوحدون ويعملون الصالحات.

{ وهُم بالآخِرة } بالدار الآخرة قدم للفاصلة، ولطريق قصدهم بالذم { هُم } ضمير فصل فيما قيل، ولو كان الخبر نكرة، والأولى أن يكون تأكيدا لفظيا { كافرون } لا يرجون ثوابا ولا عقابا لعدم البعث عندهم.