الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

{ إنَّ الَّذينَ قالُوا ربُّنا الله ثمَّ اسْتقامُوا } بأداء الفرائض، واجتناب المعاصى، وان زلوا تابوا وأخلصوا العمل، وعن عمر: الاستقامة ان تستقيم على الأمر والنهى، ولا تروغ روغان الثعلب، وعن عثمان: اخلاص العمل، وعن على، وابن عباس: أداء الفرائض، وقيل: استقاموا على شهادة أن لا اله الا الله، أى بأن يجروا على مقتضاها، وان أعرضوا عن الفانية وأقبلوا على الباقية، وزادوا النوافل، فزيادة خبر، واعراض عما سوى الله تعالى، وقد فسر الفضيل الاستاقمة بالزهد فى الفانية، والرغبة فى الباقية، وسأل الصديق الصحابة عن الاستقامة فقالوا: لا يذنبون، فقال شددتم أى لأنهم اذا أذنبوا تابوا، وانما المحذور أن يروغوا روغان الثعلب كما قال عمر، قالوا لأبى بكر: فما تقول؟ فقال: لم يرتدوا أى بقوا على التوحيد ومقتضاه من أداء الواجب، وترك المعصية، أترى الصديق يطلق على المصر، والذى يروغ أنه استقام، لا والله.

وكان الحسن إذ قرأ الآية قال: اللهم أنت ربنا، فارزقنا الاستقامة، وثم للتراخى فى الزمان، لأن أداء الفرائض لليس لا بد متصلا، فقد يسلم بكرة ولا يرد عليه فرض الا بعد مدة من اليوم، أو للتراخى فى الرتبة فان الاستقامة أصعب من الاصرار، وأيضا الاستقامة تتضمن التوحيد وزيادة، فانه كلما عمل فرضا وتقرب به الى الله فقد وحد، ويجوز اعتبار التراخى الرتبى ببعد العمل عن التوحيد، فان أفضل من العمل ومنشأة.

{ تَتَنزَّل عَليْهُم الملائكةُ } من الله سبحانه وتعالى عند الموت، وفى القبر، وعند البعث، يبشرونهم برضا الله عز وجل والجنة، وعند المصائب يلهمونهم الصبر، وما يشرح الصدر { ألاَّ تَخافُوا } فان الله غفر ذنوبكم، وتقبل حسناتكم، وفى الدنيا لا تخافوا فان المصائب تذهب، ويبقى بعدها الأجر { ولا تَحْزنُوا } على ما خلفتم، وهذا عند الموت، ولا تحزنوا لشقوة، فلستم من أهلها، ولا تحزنوا على المصائب أن تدوم فانها لا تدوم، وهذا فى الدنيا، وأن مفسرة، فان نزول الملائكة يتضمن القول، ولا ناهية، أو ان ناصبه مصدرية، ولا نافية فتقدر الباء، أى بانتفاء الخوف والحزن { وأبْشِرُوا بالجنَّة التَّي كُنتُم تُوعدُون } توعدونها على ألسنة الرسل والأنبياء، هذا عند الموت وفى القبر والبعث.