الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ فِيۤ أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ }

{ وقيَّضْنا لهُم } وكلنا عليهم وسلطنا، وهذا أولى من أن يفسر بسببنا لهم من حيث لم يحتسبوا، وذكر من حيث لم يحتسبوا ليس من معنى هذا اللفظ فى وضع اللغة، وانما هو بيان للمراد فى الآية، وفسر بقدرنا، وهو على الأول من القيض، وهو قشر البيض المستعلى على ما حواه، وقيل التقييض بمعنى الابدال كالمقايضة بمعنى المعاوضة، فتقييض القرين أخذه بدلا من سائر القرناء { قُرناء } أصحاب يقترنون بهم من غواة الجن أو منهم ومن الانس يستولون عليهم، ولكل أحد قرين من الجن، يأمره بالمعاصى وملك يلهمه بالطاعة إلا النبى صلى الله عليه وسلم، فقد غلب على قرينه وأسلم، فصار لا يشير له الا بالخير،والمفرد قرين.

{ فزيَّنوا لَهُم } فى أنفسهم { ما بَيْن أيْديهم } حاضرا من أمر الدنيا من أنواع الضلال { وما خَلْفهُم } شأن ما خلفهم من أمر الآخرة، وشأنها هو إنكارها، لأنه هو الذى يليق بها من جانبهم، فلك أن تقدر زينوا لهم طلب ما بين أيديهم أو حبه، وإنكار ما خلفهم، وسميت الآخرة بما خلفهم لأنها شىء ليس بين أيدينا، وهى كالشىء وراءك يتبعك، ولا بد منه، وعن ابن عباس رضى الله عنهما: ما بين أيديهم الآخرة أى لأنها كأمر استقبلك وأنت تمشى اليه، يقولون: لا بعث ولا جنة ولا نار، وما خلفهم أمر الدنيا، لأن الانسان مثلا كل وقت يمضى عنه فقد فاته وتركه، وقيل: ما بين أيديهم، ما حضر لهم من الاعمال السيئة، ما خلفهم ما استقبل منها، لأنه لم يحضر فهو كالشىء غاب خلفهم، وعليه فيجوز العكس، فتقول: ما بين أيديهم ما استقبل من أعمالهم، وما خلفهم ما حضر منها.

{ وحقَّ عليْهم القَول } ثبت عليهم القضاء بالنار، أو قولنا:لأملأن جهنم } [الأعراف: 18] الخ ومرَّ ذلك { في أممٍ } كثيرة حال من الهاء، أى ثابتين فى جملة أمم، ولا حاجة الى تفسير فى بمع، مع أن معناها الأعلى صالح { قَد خَلت مِن قبْلهم } مضت على الشرك والعصيان، كدأب هؤلاء، والجملة نعت أمم { مِن الجنِّ والإنْسِ إنَّهم كانُوا خاسِرينَ } تعليل لحق جملى أو مستأنف، والهاء لهم وللأمم، أو لهم دون الأمم.