الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ جَآءَتْهُمُ ٱلرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ }

{ إذ جاءتهُم الرسل } متعلق بنعت محذوف أى صاعقة عاد وثمود الواقعة، إذ جاءتهم الرسل، هم رسولان: هود وصالح، عبر عنهما بالجمع لعظم شأنهما، أو هما رسل كثيرة باعتبار كثرة أفراد القبيلتين، فكل واحد منهما رسول الى هذا، ورسول الى هذا، ورسول الى ذاك، وهكذا مثل تنزيل تغاير الصفات، بمنزلة تغاير الذوات، أو الرسل هود وصالح ورسلهما، أو هما ومن قبلهم ومن بعدهم، لأن الدعوة واحدة، لكن فيه الجمع بفى الحقيقة والمجاز، لأن مجىء غيرهما مجاز، وصاعقة معرفة لاضافته الى العلم، وحذف الموصول الذى هو أل، وصلته جائز.

{ مِن بَيْن أيْديهِم ومِن خَلفهم } عن جميع جهاتهم، عبر عنهن بالجهتين، كما يعبر عن اليوم بالبكرة والعشق، ومعنى ذلك اجتهادهم فى الانذار، أو جاءهم بالانذار عما أصاب من قبلهم من الكفار، وما يصيب من بعدهم أو بالعكس، إذ لهما علم بأنه ستجىء رسُل تكذبهم أقوامهم، فيهلكون أو أحدهما لما مضى، والآخر للآخرة، وينبغى أن يكون هو خلفهم هنا، واستعير اسم المكان للزمان، والمعنى جاءتهم الرسل المتقدموت والمتأخرون، كان مجىء كلامهم مجىء أبدانهم، والدعوة واحدة الى الاسلام، وما لا تختلف فيه الشرائع، كما قال قال الله عز وجل.

{ ألا تعْبُدوا إلا الله } أو من بين أيديهم ومن خلفهم كناية عن كثرة الرسل، كقوله تعالى:يأتيها رزقها رغداً من كل مكان } [النحل: 112] وإن حرف تفسير لأن المجىء بالوحى فيه معنى القول دون حروفه، ولا ناهية، ولا يجوز أن تكون ناصبة على أن لا ناهية ولا مخففة، على أن لا ناهية، بل حاجة الى دعوى التخفيف، واضمار اسمها، ولا دليل عليه، وذلك أنه لا خارج للنهى يكون منه المصدر،، ويجوز أن تكون ناصبة ولا نافية، والمصدر مقدر بالباء متعلقة بجاءت، أى بأن لا تعبدوا إلا الله، أى بانتفاء عبادتكم غير الله، أى بوجوب أن لا تعبدوا إلا الله، فحذف المضاف، وكأنه قيل: فماذا قالوا؟ فقال الله جل وعلا:

{ قالوا لو شاء ربنا } إرسال الرسل { لأنزل ملائكة } أى لأنزلهم رسلا، أو انزل بمعنى أرسل استعمالا للمطلق فى المقيد، قيل: اختار الانزال لأن إرسالهم إنما يكون بطريق الانذار،ويجوز تقدير مفعول المشيئة من جنس الجواب كما هو الكثير، أى لو شاء ربنا إنزال الملائكة رسلا لأنزل ملائكة، ولا مانع له وهم فى السماء، وأقوى، ولما لم ينزلهم علمنا أنكم لستم رسلا منه، إذا لا يترك الأقوى القريب فى محل الوحى، ويرسل الضعيف البعيد { فإنَّا بما أرسلتُم به كافرون } لأنكم مثلنا بشر مثلنا لا مزية لكم علينا، لكن لم ينزلهم فانا كافرون بالأمر الذى أرسلتم به على زعمكم، أو أثبتوا ارسالهم ارسالهم تهكما أو يقدر اذا لم ينزلهم فانا الخ ويضعف عود الهاء الى النهى عن العبادة لغيره، أو الى انتفاء صحتها، فتكون ما مصدرية.

السابقالتالي
2