الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقَضَٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ فقضاهُنَّ سَبْع سَمَاواتٍ } أى صيرهن سبع سموات، والهاء للسماء، وضمير الجمع باعتبار الخبر وهو المفعول الثانى، كما يؤنث المبتدأ المذكر لتأنيث الخبر، وقيل باعتبار أن السماء سبع، وأنه اسم جمع، وفيه أنه مثل قولك صير سبع سماوات سبع سماوات، فيكون تحصيل الحاصل، ولا يسيغه قوله تعالى:

{ في يَوميْن } لأن سبع سموات لا تنقلب سبع سماوات لحظة، ولا أقل ولا أكثر، وقد قال الله تعالى: { السماء الدنيا } فلو كان اسم جمع لم يقل ذلك، فان المراد الأولى الواحدة، اذ وصفها بالدنيا، وقيل: قضى بمعنى فصل، والكلام فيه كما مر، الا أن سبع فيه حال مقدرة أو بدل من الهاء، أو مفعول به، أى قضى منهن سبع سموات، فحذف من، وقيل: تمييز للهاء، وأن الهاء لمبهم مشعر التمييز بعده، كقولك: ربهن نساء، وربهم رجالا، وربه رجلا، وقيل: ليس فى الآية ترتيب بين ايجاد الأرض وايجاد السماء، وانما الترتيب بين التقدرين ايجاد الأرض، وقدير ايجاد السماء، وأكثر المفسرين على قدم ايجاد الأرض على ايجاد السماء، حملا للخلق، وام عطف عليه من الأفعال الثلاثة على معانيها الظاهرة لا على معنى الحكم والتقدير والقضاء الأزلى، وما يلزم على حملها على ظاهرها من خلاف الظاهر، يدفع بجعل الترتيب اخباريا.

وما صح ابقاؤه على ترتيب الحدوث حمل عليه، كقوله:ثم استوى إلى السماء } [فصلت: 11] فالسماء بعد الأرض، لا يغايره قوله تعالى:خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى } [البقرة: 29] الخ لأنه فى خلق ما فيها لا فى ايجادها، وأما قوله تعالى:أأنتم أشد خلقا } [النازعات: 27] إلى قوله عز وجل:ولأنعامكم } [النازعات: 33] فالمقدم فيه خلق السماء وأحوالها على دحو الأرض لا على خلق الأرض، أى دحا الأرض بعد ذلك دحاها، أو اذكر الأرض دحاها الخ أو تدبر الأرض، قال ابن عباس: خلق الأرض فى يومين قبل السماء، وكانت السماء دخانا، فسواها سبع سماوات فى يومين بعد خلق الأرض، وجعل الجبال فى الأرض بعد خلق السماء، وقد مر لك أن: فقضاهن " فى نية التقديم علىوجعل فيها رواسي } [فصلت: 10] والفاء لترتيب الذكر، قال صلى الله عليه وسلم: " خلق الله الأرض يوم الأحد والأثنين، وخلق الجبال وما فيهن من المنافع يوم الثلاثاء، وخلق يوم الأربعاء الماء والشجر، والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة أيام فقال تعالى: { أئنكم لتكفرون } وقرأ الآية الى قوله تعالى: { في أربعة أيام سواء للسائلين } وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة " وظاهره خلق ما فى الأرض فى هذا الحديث قبل خلق السماء، بمعنى التقدير والتدبير، وخلق المادة لا الايجاد، الا ترى أنه ذكر العمران والخراب، ولا وجود لهما حينئذ فما ذلك الا التقدير.

السابقالتالي
2 3