الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } * { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ }

{ وكَذلكَ } كما حفت كلمات ربك على هؤلاء الأمم المتحزبين، وقوم نوح بالعذاب { حقَّتْ كلمةُ رَّبك } بالاهلاك، وكلمات ربك قوله تعالى:وكان حقا علينا نصر المؤمنين } [الروم: 47] فانه كلام مشتمل على كلمات أو هن كل كلام فى القرآن يتضمن نصره صلى الله عليه وسلم وهذا أولى { على الَّذين كَفَروا } من قومك، أهلكوا يوم بدر لتكذيبهم لك، وهمهم بأخذك، وجدالهم بالباطل ليدحضوا به الحق { أَنَّهم } لأنهم { أصْحاب النَّار } ناب التعليل بكونهم من أصحاب النار مناب التعليل بأنهم مكذبون هامون بالأخذ، مجادلون بالباطل لأن النار ثمرة ذلك، وصحبتها آخر أوصافهم وشرها، أو أنهم الخ بدل كلمات بدل اشتمال، فيفيد أن قومه صلى الله عليه وسلم مهلكون فى الدنيا وفى الآخرة على طريق الاخبار، لا على أن الاهلاك على الاخبار، وأن عذاب النار بالتعليل.

ويجوز عود الكلام على هؤلاء الأحزاب، وأنهم الخ بدل كذلك أى كما حقت كلمات ربك على هؤلاء بهلاك الدنيا، حق عليهم أنهم أصحاب النار، أى سبق القضاء بذلك، أو ثبت ذلك، وسلاه صلى الله عليه وسلم بأن الملائكة الذين هم بالمحل الأعلى على ما هو عليه، وفى نصرته، وذلك فى قوله تعالى:

{ الَّذينَ يحْمِلونَ العَرْش } الخ مبتدأ خبره قوله تعالى يسبحون، والواو فى يسبحون للذين يحملون، ولمن حول العرش، لأن من حول العرش عطف على الذين يحملون لا على العرش فهم مسبحون لا محمولون، كما حمل العرش، وهو جسم عظيم من جوهر أخضر بين كل قائمتين خفقان الطائر المسرع ثمانين ألف عام، ويروى ثلاثين ألف عام، قيل لو مسح مقعره بجميع مياه الدنيا مسحا خفيفا لقصرت عن استيعابه، حمله حقيقة على أكتافهم، وقيل قيام بأحوال العرش.

أخرج أبو داود، عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لى أن أخبر عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه الى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وهم ثمانية أملاك، أو صفوف يتجاوبون بصوت رخيم، يقول أربعة: سبحانك وبحمدك على حلمك بعد عفوك، وأربعة منهم: سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، وعن ابن عمر: حملة العرش ثمانية بين موق أحدهم الى مؤخر عينيه مسيرة خمسمائة عام، ويقال ما بين أضلافهم وركبهم ما بين السماء والأرض، وعن ابن عباس: ما بين الكعب وأسفل القدم خمسمائة عام.

وقيل: اليوم كانوا أربعة لكل واحد جناحان ستر بهما وجهه لئلا يذوب أو يضعف بالنظر الى العرش، وجناحان يحركهما فى الهواء، ويوم القيامة ثمانية مدت الأربعة بأربعة لهوله، وهم على صورة الوعل، وقيل: ملك كالإنسان، يشفع لأرزاق الناس، والآخر كنسر لأرزاق الطير، وملك كالثور لأرزاق البهام، وملك كالسبع لأرزاق السباع، وقعوا على ركبهم لثقل العرش فلقنهم الله: لا حول ولا قوة إلا بالله فقاموا قيل: هم ثمانية أقدامهم فى الأرض السابعة، ورءوسهم فوق السماء السابعة، لهم قرون كطولهم، حملوا العرش عليها، وهم خشوع، وقيل: فوق العرش، ويقال الأرضون والسموات الى أحجازهم، لا يرفعون طرفهم، وفى صحيح ابن أبى شيبة كلامهم بالفارسية أى الا التسبيح فبالعربية والله أعلم بصحة ذلك.

السابقالتالي
2 3