الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ هُو الَّذي خلقكم مِن تُرابٍ } بواسطة خلق أبيكم منه، أو يقدرمضاف، أى خلق أباكم فأصلكم تراب، كأنكم من التراب، أو من خلقكم من أغذية تولدت من تراب، بأن تصير دما، ومن هذا الدم النطفة كما قال: { ثمَّ مِنْ نطفةٍ } منى { ثمَّ مِن عَلقةٍ } دم جامد تولد من النطفة، ولم يذكر المضغة والعظام لذكرهما فى الآية الأخرى، ولعل ذكر ذلك فقط، لأنه أهون شىء وأخسه { ثمَّ يخرجُكم } من بطون أمهاتكم { طِفَلا } أى أطفالا، والطفل يطلق على الواحد والاثنين فصاعدا، والذكر والانثى، أو اعتبر اخراج كل واحد على حدة فافرد.

{ ثمَّ لتبْلغُوا } متعلق بمعطوف محذوف أى ثم يبقيكم لتبلغوا أو يعطف على علة محذوفة متعلقة بيخرجكم، أى ثم يخرجكم طفلا لتكبروا شيئا فشيئا ثم لتبلغوا { أشدَّكُم } كما لكم فى القوة والعقل { ثمَّ لتَكُونوا شيُوخاً } عطف على لتبلغوا، أو متعلق بمعطوف مقدر، أى ثم يعمركم لتكونوا أو يبقيكم لتكونوا { ومنْكُم مَن يُتوفَّى مِنْ قبل } من قبل ما شاء الله من ذلك، من قبل الإخراج، أو من قبل الأشد، أو قبل الشيخوخة.

{ ولتَبْلغُوا أجلاً مُسمى } عطف على لتكونوا، أو على لتبلغوا عطف عام على خاص أو متعلق بمحذوف معطوف على خلقكم، أى وفعل ذلك الخلق من تراب، ثم من نطفة الخ لتبلغوا أجلا مسمى، أو يقدر بعد مسمى، والأجل المسمى يوم القيامة، والمراد لتبلغوه للجزاء، أو يقدر مضاف أى لتبلغوا جزاء أجل مسمى، وذلك أن الجن والإنس خلقوا العبادة والجزاء، وليس للأجل المسمى يوم الموت فانه يعارضه، ومنكم من يتوفى، فان من توفى لا يقال فيه بعد يبلغ أجلا مسمى { ولعلَّكم تعْقلُون } لتعقلوا عن ربكم أنكم تبعثون بعد الموت، كما أنكم خلقتم من أشياء ميتة، أو يحييكم كما أماتكم، أو لتعقلوا ما فى خلقم من ذلك من الحكم والعبر، والأول أولى، وإنما يفسر باعتبار الحكم والعبر، لو كان الخطاب للمؤمنين لأن الكافرين لا يطلب منهم الاعتبار بذلك لذاته، وأما أن يطلب منهم لينتقلوا منه الى الايمان بالبعث، فجائز راجع للتفسير الأول.