الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ }

{ وما يستوي الأعمى } الغافل عن معرفة الحق كالبعث، لا يدرك الحق كما لا يرى الأعمى جسما ولا نورا { والبَصيرُ } العالم بالحق، كما يرى البصير الأشياء { والَّذين آمنُوا وعملوا الصالحات } أى ولا يستوى المحسنون بالإيمان بالعمل الصالح { ولا المسىء } بتركها أو ترك أحدهما وانتفاء التساوى يرشد الى البعث ليجارى المحسن المستبصر على احسانه، ويعاقب المسىء الغافل عن إساءته لا يتركان بلا بعث، ولا يشتركان فى الجنة أو النار أو يهملان بعد البعث، وقدم الأعمى على البصير لمناسبة ما اتصل به قبله، وهو انتفاء العلم، وقدم الذين آمنوا الخ على المسىء، ولمناسبته ما اتصل به قبله، وهو البصير، ولشرفهم فكل قد جاور ما يناسبه، والوجه الثانى: أن يقدم ما يقابل الأول، يؤخر ما يقابل الآخر كقوله تعالى: { ما يستوي الأعمى والبصير } إلخ، وأن يؤخر المتقابلان كالأعمى والأصم، والبصير والسميع، وأعيدت لا لطول الفصل، وإرشاد الى اعتبارها فى الذين آمنوا، كأنه قيل: ولا الذين أمنوا، ولأن المقصد الكافر المسىء لا يساوى المؤمن، كما وطأ له بعدم مساواة الأعمى للبصير، ولم يقل ولا الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسىء، لأن المقصود نفى مساواة المسىء للمحسن، بحصول الثواب له،لا نفى مساواة المحسن للمسىء وبحصول العذاب له، وهو ظاهر لا كدر فيه، والأعمى والبصير فى العلم، والذين آمنوا وعملوا الصالحات، والمسىء فى العمل والعلم متقدم على العمل.

{ قليلاً ما } مفعول مطلق، أى تذكرا قليلا أو ظرف أى زمانا قليلا، وما حرف صلة لتأكيد القلة، أو نكرة تامة مفعول مطلق لقليلا، أى قلة ما أو نعت قليلا أى قليلا ضعيفا وقليلا منصوب بقوله: { تَتّذكّّرون } قدم الفاصلة والحصر، والواو للناس أوالكفار، واذا كان للكفار جاز أن القلة نفى، وجاز أن لهم تذكرا فى خلق السموات والأرض وأنفسهم قليلا ضعيفا لا يوصلهم الى الاقرار بالبعث.