الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ }

{ النَّار } مبتدأ { يُعْرضون عَليْها } خبر، وإذا قلنا سوء العذاب نار الآخرة فالنار بدل من سوء العذاب، ويعرضون عليها حال من لفظ النار، أو من لفظ آل أو مستأنف والعرض استعارة بالكناية، شبهت النار بعاقل يعرض عليه الشىء فيقوله، أو يرده، فرمز لذلك التشبيه بالعروض وهو استعارة تخييلية، ولا يختص العرض بأن يكون لطالب نفس الشىء المطلوب كما توهمه عبارة بعض، أو الكلام استعارة تمثيلية، وذلك من باب قولهم عرض الامام الأسرى على السيف { غُدوّاً وعشيا } قبل يوم القيامة، وعن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار، فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله تعالى إليه يوم القيامة " ، والعرض لأرواحهم فى أجواف طير سود مرتين، فى كل يوم كما جاء الحديث به، وروى موقوفا: وتلك الطيور تصور من أعمالهم.

أو بكرة وعشيا عبارة عن الدوام لا خصوص الوقتين، وعلى خصوص الوقتين لا يعذبون فى غيرهما، وهو المتبادر، أو يعذبون بغير النار، ولعل المراد مقدار ذلك على الأول، وإلا ففى أى مكان يعتبر الوقتان فانهما لا يتحدان فى الأرض كلها، وقد يقال يعتبران فى بلادهم التى كانوا فيها، وفى البيهقى: ان لأبى هريرة كل يوم صرختين: صرخة أول النهار ذهب الليل وجاء النهار، وعرض آل فرعون على النار، فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار، وأبو هريرة يمثل بغدو المدينة وعشيها، أو البلد الذى هو فيه، ولعل الغدو والعشى غدو مكة وعشيها، إذ هى بلد نزول الآية، والآية دليل على ثبوت عذاب البرزخ فيما قيل، لكن الآية فى الأرواح، ووردت أخبار بثبوته للأبدان، وفيها أرواحها، وذلك قبل قيام الساعة.

{ ويَوم تَقُوم السَّاعة أدخِلوا } يقول الله عز وجل للملائكة: { يوم تقوم الساعة أدخلوا } { أل فرعَون } فرعون وأتباعه على حد ما مر { أشدَّ العَذاب } هو عذاب جهنم لأبدانهم وأرواحهم، وهو أشد من عذابهم قبل ذلك غدوَاً وعشيا، أو أشد عذاب جهنم، لأن بعض عذابها أشد من بعض، قيل: أشد عذابها عذاب الهاوية، وقيل: يوم متعلق بأدخلوا، ولا بد مع هذا أيضا من تقدير القول، ويضعف عطفه على عشيا أو غدوّاً فيقدر القول أيضا.