الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِي ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ }

مر كلام فيه، وذكره العزة والعمل من صفات الله عز وجل، لغلبة القرآن على غيره، ولأنواع علومه، ومن شأن عظيم العلم أن يكون حكيما، الا أنه ذكر بلفظ العلم تفننا.

{ غافرِ الَّذنب وقَابِل التَّوْبِ شَدِيد العِقَاب ذي الطَّوْل } نعت لفظ الجلالة بستة وشديد، ولو كان صفة مشبهة اضافته غير محضة، فكأنه نكرة لا ينعت به المعرف، لكن قد يكتفى بظاهر اللفظ، فلا يضرنا أن الأصل شديد عقابه بتنوين شديد، ورفع عقابه على أنه فاعل له، والكوفيون أجازوا نعت المعرف بالصفة المشبهة المضافة للمعرفة، ويبعد ما قيل: انه بمعنى مفعل باسكان الفاء ومتلوه بأذين ومؤذن باسكان ما بعد الميم، فالعقاب مفعول به مضاف اليه، كفعيل بمعنى مفاعل بضم الميم، جليس بمعنى مجالس بضمها، والمعنى على هذا مصير العقاب شديدا، وفيه أن هذا مع قلته وكونه خلاف الأصل، يقال: إنه أضيف للمفعول فتكون اضافته لفظية، مع أنه على هذا التقرير لا يقبل أن يكون غير مراد به التجديد كما نقول فى غافر وقابل، فلا يصح نعت المعرف بهما.

والتَّوب مصدر صالح للقليل والكثير، ولا سيما مع أل الجنسية، ولا دليل على أنه كشجر وشجرة، بل على أصله كالضرب والضربة، والطول الفضل بالانعام، وترك العقاب، ولا ينافيه شديد لأن الشدة، غير تركه، ونفس العقاب باعتباره من قضى عليه العقاب، وشدته غير تركه، وعن ابن عباس: الطول الغنى، وقيل: النعم، وقيل: القدر، وقرن قابل بالواو ولا فادة أن المذنب التائب يجمع له بين رحمتين: مغفرة الذنب، وعد التوبة طاعة محادة للذنوب، وقدمت المغفرة لأنها تخلية، والرحمة تحلية، وذكر صفة العذاب مرة واحدة فى وسط صفات الرحمة، تنبيها على زيادة الرحمة وسبقها.

{ لا إله إلاَّ هُو } فيخص بالاقبال على عبادته، وترك معاصيه، والجملة مستأنفة لا نعت، لأن المعرفة لا تنعت بالجملة { إليْه المَصِيرُ } لا الى غيره، ولا اليه مع غيره، فهو المجازى، والمصير مصدر ميمى، فقد عمر رجلا شجاعا شاميا فقيل له: تتابع فى الشراب، فأمر أن يكتب اليه كاتبه: من عمر بن الخطاب الى فلان بن فلان، سلام عليك، اما بعد فأنى أحمد اليكم الله الذى لا اله الا هو بسم الله الرحمن الرحيم " حم " الى " المصير " وقال للرسول: اذا صحا فادفعه اليه، وأمرهم أن يدعوا له بالتوبة، فقرأها مرارا بقبول وعدنى ربى أن يغفر لى فتاب وقال عمر: اذ رأيتم أخاكم زل فادعوه للتوبة وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا للشيطان أعوانا عليه، ومعنى الدعاء له بأن يتوب الله عليه الدعاء له بالهداية، وقد قيل بجوازه لغير المتولى لهذا، وقوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ".