الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءً فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

{ وَدُّوا لَوْ } لو مصدرية، ولا داعى إلى جعلها شرطية، وتقدير جوابها هكذا لسرهم ذلك { تَكْفُرُونَ } تمنوا كفركم { كَمَا كَفََرُوا } مثل كفرهم { فَتَكُونُونَ } أنتم وهم { سَوَآءً } مستوين فى حصول الضلال، ولو تفاوت كثرة وقلة وعظماً وصغراً { فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا } إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إيمانا ورغبة فى نشر دين الله والجهاد { فِى سَبِيلِ اللهِ } لا لغرض دنيوى، كتزوج امرأة، أو طمع فى مال أو جاه، وبعد فتح مكة نسخ وجوب الهجرة، قال صلى الله عليه وسلم: " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية " ، وعنه صلى الله عليه وسلم: " المهاجر من هاجر ما نهى الله عنه " ، وهذه الهجرة لا يدخلها النسخ، وقال صلى الله عليه وسلم: " أنا برىء من كل مسلم أقام بين ظهرانى المشركين " ، وهذا أيضاً منسوخ بفتح مكة، إلا أن يذهب إليهم ويقيم فيهم، أو كان بلدهم بلده ولم يصل إلى إقامة دينه معهم وإن كان بلده ووصل إلى إقامة دينه لم يلزمه الخروج بعد فتحها، والهجرة ثلاث: الأولى مفارقة دار الشرك إلى دار السلام رغبة فيه، الثانية ترك المنهيات، والثالثة الخروج للقتال، وتحتمله الآية بأن يقال نزلت فيمن رجع يوم أُحد { فَإِن تَوَلَّوْا } أعرضوا عن الهجرة فى سبيل الله { فَخُذُوهُمْ } أسرى وأنتم مخيرون فى الأسرى { وَاقْتُلُوهُم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } وقدرتم عليهم فى الحل والحرم، فإنه لا ينفعهم الإيمان مع البقاء فى مكة أو غيرها قبل نسخ الهجرة، فهم كسائر المشركين بخلاف منافقى المدينة، ومن هاجر ونافق فإنه يكتفى منه بكلمة الشهادة الظاهرة منهم، ولو تبين أن هجرته لغرض دنيوى، فهذا تحقيق المقام لا ما تجده فى الكتب، وقيل المراد هنا خصوص القتل، والأخذ مقدمة له، وليس كذلك فإن الأكثر القتل بلا قبض على المقتول { وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيَّا } تحبونه وبلى أمركم وتلون أمره { وَلاَ نَصِيراً } تنصرون به على أعدائكم.