الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً }

{ وَلَوْ أنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ } فى التوبة { أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ } كما أمرنا بنى إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم، أو ادخلوا فى الجهاد الذى هو من أسباب القتل { أوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم } كما أمرنا بنى إسرائيل حين عبدوا العجل أن يخرجوا من مصر توبة { مَّا فَعَلُوهُ } ما فعلوا أحدهما المأمور به فى التوبة، أو ما فعلوا المكتوب { إلاّ قَلِيلٌ مِّّنْهُمْ } وهم المخلصون، قال أبو بكر، وعمر وعبد الله بن رواحة، وابن مسعود، وعمار، وثابت بن قيس، وغيرهم: لو أمرنا لقتلنا أنفسنا، وفى الحديث: " إن الإيمان أثبت فى قلوب رجال من أمتى من الجبال فى مراسيها " ، وقد سهلنا لهم التوبة بدون الخروج من الديار وقتل الأنفس، ولم نشدد عليهم كما شددنا على بنى إسرائيل، ولم يتوبوا وقد تابت بنو إسرائيل بذلك التشديد، وقتل سبعون ألفاً منهم أنفسهم { وَلَوْ أنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ } من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم { لَكَانَ } فعلهم ذلك { خَيْراً لَهُمْ } نفعاً أو حسناً بفتحتين وغيره قبيح، أو أحسن من عدم الفعل على أن فى عدمه حسنا بضم فإسكان { وَأشدَّ تَثْبِيتاً } لهم فى الدين، ولثواب أعمالهم، لأنه، أعنى فعل ما يوعظون به، شد لتحصيل العلم، ونفى الشك والطاعة تدعو إلى أمثالها، والواقع منها فى وقت يدعو على المواظبة عليه، روى أبو نعيم عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم: " من عمل بما علم أورثه الله تعالى بعلم ما لم يعلم " ، والآية فى شأن المنافق بشر واليهودى، وتقدمت قصتهما، وقيل الآية والتي قبلها فى حاطب ابن ابى بلتعة، أو ثعلبة بن حاطب، أو حاطب بن رشد، أو ثابت بن قيس، خاصم لزبير بن العوام فى شراج من الحرة كانا يسقيان بها النخل، ونخل الزبير أسبق، لها، فقال صلى الله عليه وسلم، " اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك " ، فقال حاطب، لأن كان ابن عمتك، يتلوّن صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم " اسق يا زبير، ثم احبس الماء إلى الجدر، واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك " ، أمر الزبير بترك بعض حقه، ولم يعرف حاطب ذلك، فبين له أن الحل أن يسقى الزبير حتى يصل الماء، الجدر ليعلم الحق، وأنه تفضل عليه لا انتقام، والشراج مسيل الماء من الحرة إلى السهل، والحرة أرض ذات حجارة سود، وفى الحديث الإصلاح بالنقص من حق صاحب الحق بدون إعلامه وإرضائه للإدلال على الذى له الحق، إذا علم أنه يرضى، أو ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم أحق بمال أمته، وقال قتادة لمن قضى صلى الله عليه وسلم، فقال حاطب: لابن عمته ولوى شدقه، فقال يهودى: إنه آمن به وأنكر حكمه، قاتله الله.