الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

{ وَلاَ تُؤْتُوا } الخطاب للأَولياء ونحوهم من الأوصياء والأزواج والوكلاء والمحتسبين { السُّفَهَآءَ } الأطفال والمجانين والبله، ومن يضيع ماله أو ينفقه فى المعصية، أو لا يقوم به من الرجال أو النساء فسفههم سوء، فعلهم لخفة عقلهم { أَمْوَالِكُمُ } أى أموالهم، ولكن أضافها للأولياء المخاطبين ونحوهم لأنهم امروا أن تكون تحت أيديهم ويحافظوا عليها كأموالهم ويخرجوا زكاتها، أى لا تتركوها تحت أيديهم إن كانت عندكم فأمسكوها وإلا فخذوها حفظاً لها وذلك يناسبه أن الكلام قبل وبعد فى اليتامى فألحق بهم أمثالهم، وقيل الخطاب لأصحاب الأموال، نهوا أن يؤتوها لمن ذكر فيفسدوها، ويكونوا يطالبونهم بما يحتاجون إليه منها كأنهم غير مالكين لها، وأمروا بإمساكها وإقامتها والإنفاق منها بما شاءوا عليهم من العدل، ولا يرد على هذا القول بأن النهى للتحريم، ولا يحرم عليه أن يعطى من ماله لهؤلاء، لأن صاحب هذا القول يفسر الإيتاء بالتمكين من المال لا بالتمليك، نعم القول المعروف المأمور به فى الآية يناسب كون الخطاب للأَولياء، ونحوهم { الَّتِى جَعَلَ اللهُ } جعلها الله { لَكُمْ قِيَاماً } أى من جنس أموالكم التى تقوم بحياتكم، وذلك أن الخطاب لنحو الأولياء، والمال لنحو اليتامى، لا للأَولياء، وفيه تأكيد الحفظ، كما يحفظ الرجل مال نفسه، أو يقدر جعل الله مثلها لكم قياماً، وكأنها قيم لهم مع أنها قيم لنحو اليتامى، وإن جعلنا الخطاب لأصحاب الأموال فالمال مالهم، وهو قيم لهم، وسمى ما به القيم قيما، مبالغة فى السببية، حتى كأنها نفس القيام، أو هو اسم لما يقام به، والأصل قوماً كعوض وحول، لكن أعلت حملا على قيام، وقيل هو قيام حذفت ألفه { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا } أى منها، أو اجعلوها مكاناً لرزقهم، أى اجعلوا لهم فيها رزقاً بالتجر فلا تفنى، لكون الرزق من أرباحها، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بالتجر بأموال اليتامى، وهذا أولى من الوجه الأول، وهو كون فى بمعنى من الابتدائية، أو التبعيضية { وَاكْسُوهُمْ } منها، أو اجعلوها مكاناً لكسوتهم بالتجر على حد ما مر { وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } يعرف شرعاً بالحسن، فيتبعه العقل السليم، وهو ضد المنكر، مثل أن يقول: إن ربحت فى سفرى أو غنمت فى غزوتى أعطك كذا، أو حظَّا، وأن هذا المال مالك إذا بلغت حسن القيام به أرده إليك، ونحو ذلك من الوعد الجميل والقول الحسن، ومنه أمره بالمحافظة على الصلاة، وسائر الدين، وترك الإسراف، وأن عاقبة المسرف الاحتياج إلى الناس، وروى أن رفاعة مات وترك ابنه صغيراً، اسمه ثابت، فقال عمه: يا رسول الله ابن أخى يقيم فى حجرى، ما يحل لى من ماله؟ ومتى أدفع إليه ماله؟ فنزل قوله تعالى:

{ وَابْتَلُوا } اختبروا { اليَتَامَى } قبل البلوغ ببيع ما قل، وشراء ما قل، وبيع الطفلة غزلها ونحوه مما قل، وشراء مثل ذلك، أو بقوله على تبيع كذا بكذا أو تشتريه بكذا، أو يعقد بيعاً أو شراء ويحضر له، فيقول له: هل يصلح هذا فيمضى البيع، لأن الولى أذن له خلافاً للشافعى فإنه يوقفه على إمضاء الولى، ولا يشترط اختباره فى دينه خلافاً للشافعى { حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ } حد النكاح، وهو البلوغ بإحدى علامات البلوغ، فإن لم تكن فخمس عشرة سنة عندنا وعند الشافعية، لقوله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3