الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَٱبْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَٰحاً يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً }

{ وَإنْ خِفتُمْ } علمتم يا ولاة الأمور، أو الصلحاء، أو يا أهل الزوجين، وقال الزجاج: ظننتم، لأنه لو علمنا الشقاق لم نحتج إلى الحكمين، قلت نحتاج إليهما لإزالة الشقاق المعلوم الثابت، ولنعلم من أيهما كان { شِقَآقَ بَيْنَهِما } بين الفريقين، الرجال وأزواجهم، أو بين الرجل وزوجته المعلومين من الجمع، ويدل على الزوجين والأزواج ذكر النشوز، والشقاق فعل الرجال وأزواجهم، إِذا عصى أحدهما الآخر كان فى شق، وآخر فى شق آخر، وأضافه إلى بين لأنه زمانه كقولك يا سارق الليلة، وفى المكان مكر الليل، أو هو فعل لبين على المجاز العقلى، كقولك نهاره صائم ويجوز هذا أيضاً فى المثالين الأولين { فَابْعَُثْوا } لطلب البيان أو للإصلاح بينهما { حَكماً } رجلا عادلا عارفاً بدقائق الأمور، يصلح للحكومة والإصلاح، كما سماه حكما لأنه مبعوث للحكم، وفيه أن الحكم المبالغ فى الحكم لا كل حاكم { مِنْ أَهْلِهِ } أقاربه، لأنهم أعرف بباطن الحال وأطلب للصلاح { وَحَكَمَا مِّنْ أَهْلِهَا } كذلك، وذلك استحباب، فلو بعثا من الأجانب منهما، أو من أحدهما لجاز، ولا يحتاج أن يوكل كل واحد، منهما حكمه، لأنهما لا يليان الطلاق أو للفداء إلا بإذن الزوجين، وقال مالك: لهما الطلاق أو الفداء، وعليه فيوكلانهما على الطلاق فيفعلان ذلك إن ظهر لهما الصلاح وان تمكنا من الصلح بينهما فأولى، وهو ظاهر قول على للحكمين إذ جاءاه: أتدريان ماذا عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، والصحيح أن لا طلاق إلا من الزوج أو بأمره، ولعله جاز لعلى ذلك القول لأنه إمام، له فعل المصلحة، كذا قيل، وقيل يوكل حكمه على الطلاق أو الفداء، وتوكل حكمها على الفداء فيأمران الظالم منهما أولا بالرجوع عن الظلم { إن يُرِيدَآ } أى الحكمان { إصْلَحاً } إزالة الشقاق { يُوَفِّقَ اللهُ } بالألفة { بَيْنَهُمَآ } بين الزوجين، أو بين الحكمين، باتفاق كلمهما فى صواب، أو ألف يريدا والهاء فى بينهما كلاهما للزوجين، أو الألف للزوجين والهاء للحكمين، أو العكس، ومن أصلح نيته قضى الله له الخير ولو على يد غيره، ولا دلالة فى الآية على جواز التحكيم، فيما نص الله فيه على الحكم، كقتال البغاة لأن الآية فى غير ذلك { إنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً } بالظواهر { خَبِيراً } بالبواطن والدقائق.