الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } * { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } * { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ }

{ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ يَا آيُّهَا النَّاسُ } الموجودون المكلفون من نزول الآية إلى القيامة، أهل مكة وغيرهم، الذكور والإناث، فتناول الخطاب من سيوجد متوقفا إلى وجوده وصلوحه للخطاب، كما تكتب إلى أحد غائب بأمر ونهى، فيصله الكتاب، وذلك بالحقيقة عند الحنابلة، وعندى كما ينزل الحكم بشرط غير موجود فى الحين، وبالتغليب للموجودين حين نزلت على من سيوجد وفيه أن الموجودين حين النزول لم يسمعوا الآية من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفور من نزولها مرة، بل بعض سمع اليوم وبعض غدا، وبعض بعد شهر أو سنة وأقل وأكثر، فمن لم يسمع كمن لم يوجد، أو بدليل خارجى، فإن آخر الأمة مكلف بما كلف أو لها، ووضع الجزية عند نزول عيسى من احكام هذه الأمة عند نزوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " الحلال ما جرى على لسانى إلى يوم القيامة " ، والخطاب شامل للعبيد فى كل ما كلفوا به كالصلاة، وما يرجع إلى سادتهم فإلى سادتهم { اتَقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم } علل الاتقاء بكونه خالقا لهم، وذلك أن الموصول كالمشتق يؤذن بالغلبة، ومثل ذلك الخطاب الذى هو بصيغة الذكور شامل للنساء تغليبا، فتارة يدخلن تغليبا، وتارة بصيغتهن، مثل: " إن المسلمين والمسلمات " ، ومعنى قول أم سلمة: لم لا نذكر فى القرآن، لم لا نذكر بصيغ النساء؟ وبعد سؤالها ذكرن بها { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هى آدم وبقوله { وَخَلَقَ مِنْهَا } من ضلهعا الأيسر الأسفل، قال البخارى ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم: " استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شىء من الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج " ، وبطل للآية والحديث، نقول بأنها خلقت من فضله طينة آدم، إذ لا حاجة إلى دعوى المجاز، أى وخلق من جنسها زوجها، ولو اختاره أبو مسلم الأصفهانى وجعله كقوله تعالى:والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا } [النحل: 72]، وقوله:إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } [آل عمران: 164]، وقوله تعالى:لقد جاءكم رسول من أنفسكم } [التوبة: 128]، وعلمنا أن الملائكة والدواب والطير والجن قبل آدم، ولا نعلم صحة ما قيل أن قيل آدم ألف ألف آدم، ولا ما قال ابن العربى، إن قبل آدم بأربعين ألف سنة آدما غيره، وحكم زين العرب من قومنا بكفر من أثبت آدما آخر { زَوْجَهَا } هى حواء فى الجنة على الصحيح، وهو قول ابن مسعود وابن عباس، وفى الدنيا عند كعب الأحبار، ووهب، وابن إسحاق، ثم دخلاها معاً حملته الملائكة إلى الجنة، ولم يروا بأنها محمولة فهى تجرى { وَبَثَّ } نشر { مِنْهُمََا رِجالاً كثِيراً وَنِسَآء } أكثر بدليل أن لكل رجل أن يتزوج أربعاً، وبدليل المشاهدة، والمراد الذكور والإناث ولو أطفالا مجازاً، أو لم يذكر الأطفال لأن السورة فى التكليف، فمن نعمته وقدرته كذلك، كيف لا يتقى ولا يشكر، وكيف يتظالم عبيده مع أنهم إخوة بخلقهم من أب وأم، وليست حواء أختاً لنا، لأنها خرجت من آدم بغير طريق النبوة، ولما كانت زوجها حواء متفرعة منها، أعنى من النفس، وهى آدم صح أن يقال لمن يتفرع منهما إنهم خلقوا من نفس واحدة لأنهم منها، ومنه، وهى منه، فرجعوا إليه برجوعها إليه، وبدأ السورة بالتقوى لاشتمالها على المشاق من القتال والطهارة والصلاة وغير ذلك، مما يكون الحامل على أدائه اتقاء عذاب الآمر القادر، ومن شأن الرجال البروز، وقد برزوا وظهرت كثرتهم، فوصفهم بها دون النساء ولو كن أكثر لخفائهن الذى هو من شأنهن، وهن محرث، ومن أراد كثرة الغلة أكثر المزارع { وَاتَقُّوا } أَعاد لفظ اتقوا للتأكيد، وقيل الأول للعموم وهذا للعرب، وقيل الأول لغير العرب وهذا للعرب، والصحيح العموم فيهما وقيل المراد فيهما العرب، وأما غيرهم فتبع، لأن العرب هم الذين يتساءلون بالله وليس كذلك { اللهَ الَّذِى تَسَآءَلُونَ } تتساءلون، أبدلت التاء الثانية سينا، وأدعمت { بِهِ } أى يسأل بعضكم بعضاً به، فيقول افعل لوجه الله، أو لا تفعل لوجه الله فهذا سؤال بالله، كما أن قولك أسألك بالله سؤال، والتفاعل على أصله، يسألك وتسأله، أو بمعنى الثلاثى كما قرأ ابن مسعود ثلاثيا، ودلت الآية على جواز السؤال بالله، وخصته السنة بالحاجة، قال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4 5