الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

{ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ } بأن عاين شيئاً من أمر الآخرة، فإن ذلك كيوم القيامة، أو هو أولها، وقيل العيان تقبل، ولو شاهد أهوال الموت، وإنما تقبل إن لم تكن اضطراراً كالكفار فى الآخرة، فإنهم آمنوا اضطراراً، ولا اضطرار مانع قبل المعاينة { قَالَ } حين عاين { إنّى تُبْتُ الآَنَ } هذا فى فاسق ومشرك ماتا قبل الموت، وقت لا تقبل، سوّى فى عدم قبول التوبة بينهما وبين مشرك يتوب فى الآخرة بعد الموت وهو المراد بقوله { وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } أو أراد بكفار المشركين والفاسقين يتوبون بعد الموت سوى بينهم وبين من تاب من المشركين والفاسقين فى الدنيا حين لا تنفع التوبة فلم بك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا وانظر مع هذا قوله صلى الله عليه وسلم فى آخر خطبة، " من تاب وقد بلغت روحه حلقه تاب الله عليه " ، ومع قوله صلى الله عليه وسلم: " من تاب قبل الغرغرة قبلت توبته " ، رواه الترمذى عن ابن عمر، وذكر أبو قلابة، أنه سأل إبليس النِظرة، فأنظره إلى يوم القيامة، فقال: وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه روح، فقال الله عز وجل: " وعزتى لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح " ، ويجاب بأن الغرغرة أخطر من الحلق، وأن الموحد تقبل عنه ما دام فيه الروح والعلم لله تعالى، وظاهر الآية العكس، وعن ابن عباس، لو غرغر المشرك بالإسلام لرجوت له حيراً كثيراً، وعنه صلى الله عليه وسلم: " يغفر الله لعبده ما لم يقع الحجاب، قيل: وما وقوع الحجاب؟ قال تخرج نفسه وهى مشركة " ، ويجاب أيضاً بأن معنى الآية أن المسوف والمصر لا تتحقق توبتها، وقيل لا تقبل توبة الآيس، وقيل الآية الأولى فى المؤمنين، والثانية في المنافقين، والثالثة فى المشركين { أُوْلَئِكَ } المتسوفون بالتوبة إلى حين لا تنفع، والذين ماتوا وهم كفار، وكلا القسمين، كافر كفر نعمة، أو كفر شرك، إلا أن القسم الأول لمن تعاطى التوبة لم يسمه باسم الكفر لأنه بحسب تعاطيه غير كافر { أعْتَدْنَا } هيأنا، وهذا أولى من دعوى أن التاء عن دال من الإعداد، والماصدق واحد { لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }.