الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

{ وَقَوْلِهِمْ } مفتخرين { إِنَّا قَتَلْنَا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ } وصلبناه بدليل، وما صلبوه، وقوله { رَسُولَ اللهِ } من كلام الله تعظيما له، لا من كلامهم لأنهم لا يقرون برسالته، كما تقول، قال عمرو، إنى أكرم زيداً القرشى، وعمرو لم يذكر لفظ القرشى، بل زدته أنت، إذ كان مراداً لعمرو، فإن هذا النعت والبدل والبيان والتوكيد، كعطف التلقين، أو يقدر أمدح رسول الله، أو قوله رسول الله من كلامهم تهكماً برسالته، كقول قريشيا أيها الذى نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [الحجر: 6]، وقول فرعون:إن رسولكم الذى أرسل إليكم لمجنون } [الشعراء: 27]، أو مرادهم رسول الله بزعمه، أى زعم عيسى { وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ } نائب الفاعل، أو شبه هو، أى عيسى بغيره لهم، أو شبه هو، أى المقتول بعيسى، وهو أولى، لأن المتبادر أن يشبه غير عيسى بعيسى، وقيل، إن الضمير للأمر وأن التشبيه اللبس، قال رهط من اليهود هو الساحر بن الساحرة، الفاعل بن الفاعلة، قذفوه وأمه، ولما سمع عيسى ذلك قال، اللهم، أنت ربى وأنا من روحك خرجت وبكلماتك خلقتنى، ولم آتهم من تلقاء نفسى فالعن من سبنى وسب أمى، فاستجاب الله تعالى دعاءه، ومسخ الذين سبوه وسبوا أمه قردة وخنازير، فخاف يهوذا رئيسهم دعوته، فاجتمعوا على قتله، فبعث الله جل وعلا جبريل يخبره بأنه يرفعه للسماء، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى إليه شبهى فيقتل ويصلب ويدخل الجنة فقام رجل منهم، فألقى الله عليه الشبه فقتلوه وصلبوه، ويقال، كان رجل ينافقه فخرج ليدل عليه وأعطوه ثلاثين درهما فألقى الله عليه الشبه فأخذ وقتل وصلب، وقيل، دخل طيطابوس اليهودى بيتاً وهو فيه فلم يجده، وألقى الله عليه شبهه ولما خرج ظنوه عيسى فأخذ وصلب، ويقال، وكلوا به رجلا يدور معه حيث دار، فصعد الجبل فجاءه الملك فأخذ بضبعيه ورفعه إلى السماء، وألقى الله على الرجل شبه عيسى فظنوه عيسى فقتلوه وصلبوه، وكان يقول: أنا فلان لا عيسى، فلم يصدقوه، ويقال، خاف رؤساء اليهود فتنة العامة فأخذوا رجلا فقتلوه وصلبوه فى جبل ومنعوا الناس من الدنوا إليه حتى يتغير، وشبهوا على الناس أنه المسيح لأن عيسى المسيح لا يعرف إلا بالاسم، لأنه لا يخالط الناس إلا قليلا، وتواتر النصارى أنهم شاهدوا عيسى قتيلا لا يتم لانتهائه إلى قوم قليلين لا يبعد اتفاقهم على الكذب، ولأنه قد يشبه لهم كما شبه على اليهود، وقال أبو حيان: لم نعلم كيفية القتل، ولا من ألقى عليه الشبه ولا يصح بذلك حديث، وروى النسائى عن ابن عباس، أن رهطا من اليهود سبوه وأمه، فدعا عليهم فمسخهم الله قردة وخنازير، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء، وعن الضحاك كما قال القرطبى، أنه لما أرادوا قتل عيسى اجتمع الحواريون فى غرفة، وهم اثنا عشر رجلا، وقال وهب بن منبه سبعة وعشرون، فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة، فأخبر إبليس جميع اليهود فركب أربعة آلاف رجل، فأخذوا باب الغرفة، فقال المسيح للحواريين: أيكم يخرج ويقتل، ويكون معى فى الجنة؟ فقال رجل: أنا يا نبى الله، فألقى إليه مدرعته من صوف وعمامته من صوف وناوله عكازه، وألقى الله عليه شبه عيسى، فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه وأما المسيح فكساه الله الريش وألبسه النور، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار مع الملائكة، وقيل كلهم ألقى الله عليهم الشبه، فكل بصورة عيسى فقال اليهود: سحر تمونا، بينوا لنا أيكم عيسى، أو لنقتلكم جميعاً، فقال عيسى: أيكم يخرج.

السابقالتالي
2