الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً }

{ وَإن يَتفَرَّقَا } بالطلاق أو الفداء، وهو طلاق، خلافا لجابر بن زيد إذ عدة فرقة غير طلاق { يُغْنِ اللهُ كُلاَّ } عن الآخر، المرأة برجل آخر، والرجل بامرأة أخرى، أو بسلوا المحب منهما للآخر عنه وذلك تسلية، وقيل زجر عن الفرقة { مِّن سَعَتِهِ } غناه الواسع لخلقه { وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً } غنيَّا، مبرماً لأفعاله، لا خلل ولا عبث، واستشهد لكمال غناه وقدرته بقوله:

{ وَلِلَّهِ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ } خلقا، وملكا، وأوسع منهن فهن تمثيل، وهذا فى معنى التعليل لقوله واسعا، بل زعم بعض أن الواو تكون للتعليل { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } جنس الكتاب، التوراة والإنجيل، وغيرهما من كتب الله، وهم اليهود والنصارى، وغيرهم من الأمم { مِن قَبْلِكُمْ وَإيَّاكُمْ } أيتها الأمة، لم يقل، وصيناكم والذين أوتوا الكتاب من قبلكم، مراعاة لترتيب الوجود خارجاً { أنِ } تفسيرية، لأن فى التوصية معنى القول، وأجاز بعض المصدرية داخلة على الأمر أى بأن { اتَّقُوا اللهَ } أحلوه أو خافوا عقابه { وَإن تَكْفُرُوا } بالله وأنبيائه أو كتبه أو ببعض لم يضره كفركم { فَإِن لِلَّهِ } أى لأن لله { مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الأَرْضِ } وجميع ما سواه فلا تضره معصية، ولا طاعة، والواو عاطفة لمحذوف، أى وصينا، وقلنا لكم ولهم، فالخطاب فى تكفروا للتغليب، وإنما ساغ ذلك الحذف للتوسع فى القول، ويجوز أن يكون الخطاب لهذه الأمة، وأهل الكتاب { وَكَانَ اللهُ غَنِيّاً } عن طاعة خلقه { حَمِيداً } محموداً فى أفعاله، وأقواله وصفاته، كفروا أو آمنوا، علموا أنه محمود أو لم يعلموا.