الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } * { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }

{ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ } فرغتم منها، فالقضاء يستعمل بمعنى التأدية فى الوقت كما يستعمل فيها بعد الوقت، كقوله تعالى:فإذا قضيتم مناسككم } [البقرة: 200]، والمراد الصلاة الواجبة، وذكر صلاة النفل وسائر الذكر لله عز وجل على كل حال بقوله { فَاذْكُرُو اللهَ قِيَاماً } جمع قائم { وَقُعُوداً } ولو قدرتم على القيام جمع قاعد { وَعَلَى جُنُوبِكُمْ } أى وثابتين، أو مضجعين على جنوبكم؟ قدرتم على القعود أو القيام أو لم تقدروا، لخوف أو جراح أو مرض، والمراد الجنب الأيمن من الاستقبال فى الصلاة بالوجه والجسد، وإن لم يمكن إلا على الأيسر جاز، وكل ما لم يمكن إلا هو جاز ولو لم يجز فى الاختيار، وينوى الاستقبال، وأما الفرض فلا يجوز فى قعود أو اضطجاع إلا لضرورة خوف أو مرض أو جرح أو نحو ذلك من الأعذار، ويصليها ولا بد كما أمكنه، ولا يؤخرها عن الوقت عندنا وعند الشافعى، ويومئ لما فيه إيماء وهو الركوع والسجود، وأما التحيات فلا إيماء لها، ولو أومأ لها بانحناء لفسدت صورة قعودها، فإنها يقعد لها على استقامة كما يقعد الصحيح، فيلغز بأن لنا ركوعا أخفض من التحيات، وهو ركوع المصلى بإيماء:
وَإذَا لَمْ تَرَ الْهِلاِّلَ فَسَلِّمْ   لأُِنَاسٍ رَأَوْهُ بِالأَبْصَارَ
ثم قد رجعت فى الخطبة المؤلفة بعد هذا عما هنا، ويجوز أن يكون المعنى، فإذا أردتم قضاء الصلاة فى أدائها فاذكروا الله، أى صلوا قائمين صلاة المسايفة إن لم تجدوا الصلاة طائفتين مع الإمام، واحدة بعد الأخرى، أو قاعدين رامين بالسهام أو مضطجعين لعدم القدرة بالجراح، ولا قضا بعد ذلك ولا إعادة فى الوقت ولو زال العذر، وقال الشافعى بوجوب القضاء بعد الوقت الإعادة فيه إذا زال العذر لقوله تعالى { فَإِذَا اطْمَأَنَنتُمْ فَأَقِيُموا الصَّلاَةَ } اقضوها بعد الوقت وأعيدوها فى الوقت إن زال العذر، والمذهب أنه لا إعادة ولا قضاء، ونسبه بعض المحققين للشافعى، وإن صلوها لمظنه خوف كسواد رأوه فتبين فى الوقت عدمه فليعيدوها، وأن المعنى إذا زال العذر فصلوا الصلوات الآتية بعده تامات بشروطها وشطورها، وزعم أبو حنيفة أن المحارب لا يصلى حتى يطمئن، وأن معنى الآية ذلك، وليس كذلك، بل يصلى كما أمكنه، ولو بتكييفها فى قلبه من حيث أعمالها، وأما أقوالها فلا بد منها ما امكن، والحجة قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بشىء فائتوا منه ما استطعتم " ، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر رجلا بقتل كافر، فذهب إلى قتله وهو يصلى فى ذهابه إليه بذكر وإيماء خوف أن يموت ولم يصل، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينهه، قال ابن عباس رضى الله عنهما عقب تفسير الآية، لم يعذر الله تعالى أحداً فى ترك ذكره إلا المغلوب على عقله، يعنى من ترك ذكره تعالى عده الله مقصراً { إنَّ الصَّلاَةَ كانتَ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً } فرضاً، لما جرى فى العرف أن الشىء يكتب لأنه لا بد منه ولو كان قد لا يجب استعمل الكتاب فى معنى الفرض فى مكتوبه أو ذات كَتْب { مَّوْقُوتاً } أى محدوداً لا تترك ولا تقدم ولا تؤخر، وأنه يؤتى بها كيف ما أمكن ولو فى طعان أو مسايفة، والمراد محدودة بأوقاتها وشروطها وعدد ركعاتها فى الحضر والسفر والخوف، لا يزاد فيها حال السفر، ولا ينقص فى الحضر والسفر، وتقدم أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد، موعدكم بدر من قابل إن شئت يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2