الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَـآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }

{ وَسِيقَ } بعنف واهانة وقهر،كسوق الدابة باسراع ولو لم يساقوا لم يمشوا { الَّذين كَفَروا } أشركوا { إلى جَهنَّم زُمراً } جماعات مرتبات على قدر ضلالهم، والمفرد زمرة، وهى الجماعة القليلة، ومن ذلك شاة زمرة قليلة الشعر، ورجل زمر قليل المروءة، وامرأة زمراء فاجرة قليلة الخير، أو شاذة عن سائر النساء، أو سميت الجماعة زمرة لأنها لا تخلو عن زمر، وهو الصوت { حتَّى } حرف ابتداء، ولا تخلو عن غاية، وهى غاية للسوق، ويوافونها بالسوق مغلقة وتفتح بحضرتهم مجتمعين حولها كما قال: { إذا جاءوهَا فُتِحَتْ أبْوابها } ليدخلوها، وذلك أشد عليهم اذ شاهدوا حدوث شىء مضر فى شأنهم، فاذا دخلوها أغلقت، واذا جاءت زمرة فتحت ودخلوا وهكذا.

{ وقال } عند الباب، قبل الدخول توبيخا { لَهُم خَزَنتُها } من الملائكة { ألَم يأتِكُم } من الله تعالى { رُسُلٌ مِنْكم } من جنسكم تفهمون كلامهم، ويمكنكم استفهامهم ومراجعتهم ولو بترجمان، ولو عمن يأخذ عنهم بوسائط، وكل نبى أو رسول يكون بلغة قومه، ولو أرسل الى غيرهم أيضا من أهل لغته وغيرها { يتْلُون } بأنفسهم أو بواسطة { عَليْكم آيات ربِّكُم } كالقرآن والانجيل، والزبور والتوراة والصحف { ويُنذرونكم لِقاء يَوْمِكُم هَذا } وقتكم هذا، وهو وقت النار، أو يوم القيامة لاشتماله على وقت الدخول، وعلى عذابهم وأهوالهم، وهو يومهم ويوم المؤمنين أيضا، ولا حصر بالاضافة، وعدى ينذر الى مفعولين لتضمنه الاعلام المتعدى لاثنين، وهو التعريف، وقدر بعضهم الباء، أى بلقاء يومكم، وهو ذا بدل أو بيان يجوز أن يكون نعتا لأنه بمعنى الحاضر، والحجة الرسل والعقل والكتب، والظاهر أنه من لم يبلغه خبر التوحيد مكلف بالتوحيد، لأن الله أوجد دلائل العقل، وقد قال قوم: ان الحجة العقل.

وأما الكتب والرسل فتفصيل وبيان لما يجب استعمال العقل فيه، ولا تقول بالتقبيح والتحسين العقليين، ولا نقول العقل يدرك التفاصيل الشرعية، ولو لم ينزل الوحى، ومن قال بذلك أخطأ قبحه الله عز وجل، وكذلك اختلف فى أهل الفترة، والحق أنهم فى النار، ولعل الملائكة لا تقول لهم، ولا لمن لم يصله أمر التوحيد: ألم يأتكم رسل؟ فلو قالوا لهم لقالوا: نعم، لا بلى، وقيل: لا يخلو أهل الفترة من مخبر، ولو كان لا يوجد عنده تفاصيل الشرع، فهم مكلفون بالتوحيد، وما وصلوا اليه فقط، ولعلهم يقولون لمن لم يصله الأمر: ألم ينصب لدلائل التوحيد فى بدنك وسائر الخلق، فلزمه أن يقول بلى.

{ قالُوا بَلَى } ليس لم يأتنا رسل منا، وينذرونا لقاء يومنا هذا، بل أتونا وأنذرونا لقاء يومنا هذا { ولكَنْ حَقَّتْ } وجبت { كَلمةُ العَذاب } قضاء الله تعالى به، أو قوله:لأملأن جهنم } [الأعراف: 18] الخ { على الكافرين } عموما فدخلوا فى العموم، أو حقت كلمة العذاب علينا، ووضع الظاهر موضع المضمر تلويحا بموجب العذاب، وهو الكفر، وذلك اعتراف بالشقاوة لا اعتذار.