الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ }

{ ونُفخَ } الماضى للتحقق، وكذا ما يأتى أى نفخة واحدة كما فى آية أخرى، ولقوله بعد:ثم نفخ فيه أخرى } { في الصُّور } رأيت فى كتاب للقرطبى النافخ اسرافيل، ومعه غيره ينفخ، وعبارة بعض حكاية الاجماع عنه، أن النافخ اسرافيل وحده، وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النافخان في السماء الدنيا رأس أحدهما بالمشرق ورجلاه بالمغرب، ينتظران متى يؤمران ينفخا في الصور فينفخا " وفى ابن ماجه عن أبى سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن النافخ اثنان " وزعم بعض أن النافخ غير اسرافيل، ينظر الى اسرافيل منذ خلقه الله، ثم يأمره بالنفخ قلت ليس كذلك بل المراد أن ملكا ينظر متى يأمره اسرافيل فينفخ بعد أن ينفخ اسرافيل، والصور قرن عظيم كدورة السماوات والأرض، فيه ثقب دقيقة بعدد الأرواح، فى صفاء الزجاجة من لؤلؤة بيضاء، وقيل جمع صروة.

{ فَصَعِق } مات بسبب صيحة النفخ الشديدة، أو غشى لذلك ثم يكون الموت يستعمل الصعق بمعنى الغشيان، وبمعنى الموت، وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، فيصعق ويصعق الناس بعده { مَنْ في السَّماوات } جهة العلو ليشمل حملة العرش، ومن لا يصدق عليه أنه فى السماء { ومَن في الأرض } أعاد من لاختلاف من فى السماوات ومن فى الأرض، لأن أهل السماوات الملائكة، والله أعلم { إلاَّ منْ شاء الله } جبريل وإسرافيل وميكائيل وعزرائيل، أو حملة العرش قولان، ثم يموت هؤلاء كلهم بعد، أو رضوان، والحور، ومالك خزن النار والزبانية، ولا يصح أنهم لا يموتون وأخطأ من قال ذلك، بل يموتون بعد أو من مات قبل، فانه لا يموت مرة ثانية أو موسى.

{ ثمَّ نُفخ فيه } فى الصور بمعنى القرن المذكور، ودون هذا فى الصور جمع صورة الأجسام، وذكر لجواز تذكير الجمع الذى مفرده بالتاء، وافراده، والأول أولى { أخْرى } نفخة أخرى بالرفع على النيابة عن الفاعل، أو النصب على المصدرية، والنائب فيه وبين النفختين أربعون عاما كما جاء فى حديث: " ينزل الله عليهم ماء كالظل " ويروى كمنى الرجل، فتنبت أجسادهم أى بلا روح، ثم يحضر الروح بالنفخ، ويروى أن النفخ فى الأرض النفخة الأولى، من باب إيلياء الشرقى، أو قال الغربى، والثانية من باب آخر أى أحد البابين من البلد { فاذا هُم قيامٌ } مِن قبورهم { ينْظُرونَ } ينتظرون بم يؤمرون، أو ما يفعل بهم، وقيل يقلبون أبصارهم فى الجهات نظر المبهوت المفاجأ بأمر عظيم.

ويرده أنهم يقولون عند بعثهم:من بعثنا من مرقدنا } [يس: 52] إلا أن يقال قولهم:من بعثنا }

السابقالتالي
2