الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَـفَّارٌ } * { لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ }

{ ألا لله الدِّينُ الخالِصُ } كلام مستأنف لا تأكيد لما قبل، لأن ما قبل أمر بالعبادة لله، وإخلاصها، وهذا إخبار بأن ذلك حق لله، والله أهل له، ولا أهل له سواه، وهو أقوى مما قبل، لأنه برهان له، فان المعنى اعبدنى باخلاص فانه لا أهل لذلك غيرى، ولا سيما أنه أكد بالجملة الاسمية، وألا والحصر، وذلك كقولك: أعطنى كذا فانه حق لى عليك، وهذه شهودى، نعم اشتملت هذه الجملة على الأولى، وأوجبتها ضمناً فان أريد بالتأكيد للأولى هذا فصيح، وأفادت ان الله تعالى لا يقبل ما هو عبادة أريدها بها غيره،ولا عبادة أريد بها هو وغيره، قال يزيد الرقاشى: " قال رجل: يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر، فهل لنا من أجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا " قال: يا رسول الله إنا نعطي التماسا للأجر والذكر فهل لنا أجر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى لا يقبل إلا عمن أخلص له، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألا لله الدين الخالص } ".

وفى ذلك رد على من قال: يقبل منه جانب التقرب الى الله تعالى، وكذا الأحاديث القدسية: " أنا أغنى الشركاء عن الشركة " وأنا قد رددته كله، والحديث يدل على أن الدين فى الموضعين العبادة، إذ سئل عن العبادة بالمال فأجاب بالعبادة، وقال قتادة: العبادة فيهما شهادة أن لا إله إلا الله، وقال الحسن: الاسلام فاما أن يريد العبادة، وإما أن يريد التوحيد لا إله إلا الله. وقرر الله تعالى التوحيد، بأن المشركين أقروا بتحقيق الألوهية لله تعالى، وأنه الملك النافع الضار إذ قالوا: انما نعبد الأصنام لتقربنا اليه، وأفسدوا بهذا اقرارهم، وبقولهم: الملائكة بنات الله ونحو هذا، وذلك فى قوله تعالى:

{ والَّذينَ اتَّخذوا مِنْ دُونِه أولياء ما نَعْبُدهم إلاَّ ليقربونا الى الله زُلْفَى } ومعنى أولياء آلهة، والخبر قول محذوف تقديره يقولون، أو قالوا: ما نعبدهم، وهاء نعبدهم عائدة الى الأولياء، وزلفى اسم مصدر بمعنى تقريبا مفعول مطلق، والآلهة المعبر عنها بأولياء ما يعبد من دون الله كالملائكة، وعيسى والأصنام،والقائلون الملائكة بنات الله: بنو عامر وبنو كنانة وبنو سلمة، ويجوز أن تكون الجملة مفعولا به لحال محذوف من واو اتخذوا تقديره: قائلين: { ما نعبدهم } الخ أو يقدر قالوا بدل اشتمال من قوله: " اتخذوا " وخبر المبتدأ هو قوله:

{ إنَّ الله يحكُم بينَهُم فيما هُم فيه يخْتَلفُون } وفى الكلام حذف، أى بينهم وبين المؤمنين، والحكم بينهم إدخال العابدين لغير الله تعالى النار، وإدخال المؤمنين الجنة، أو يميز بين المؤمنين والكافرين بعلامة، واختلافهم قول المؤمنين بالتوحيد، وأنه الحق، وقول الكفرة بالاشراك، وأنه حق، وقيل لا حذف فالضمائر للكفرة، وما عبدوه، والحكم بينهم إدخال الملائكة وعيسى الجنة، وادخال عابديهم النار، قيل: وإدخال الأصنام معهم النار تحسيرا لهم بها، وتعذيبا بها، ولا تتألم واختلافهم رجاء الكفرة الشفاعة، وقول الملائكة وعيسى: إنكم على باطل ولا نشفع لكم، ولعنهم باللسان أو الحال، والله قادر أن ينطق الأصنام باللعن ويبعد أن يكون الذين للمعبودين، وضميرهم هاء محذوفة، والواو للعابدين { إن الله } إلخ و { ما نعبدهم } محكى بقول محذوف بدل أو حال كما مر أى يقولون أو قائلين.

السابقالتالي
2 3