الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لِيُكَـفِّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِي كَـانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ ليُكفِّر اللهُ } أظهر لفظ الجلالة تفخيما للتكفير، أى تكفيرا عظيما، وقدم التكفير على الجزاء بأحسن ما كانوا يعملون، لأن التخلية قبل الخلية، والمراد أن ذلك جزاء المحسنين لاحسانهم، كما أن ما قبل ذلك جزاء الكافرين لاساءتهم { عَنْهُم أسْوأ الَّذي عمِلوا } أسوأ اسم تفضيل، وإذا كفر الأسوأ فأولى أن يكفر السيىء ويجوز أن يكون خارجا عن التفضيل، أى السيىء فيكون أعم من اسم التفضيل، واللام متعلق بمحذوف، أى وفقهم الله للإحسان ليكفر، وقيل نحصهم بذكر الجزاء ليكفر إذ لا يكون بلا تكفير، أو وعدهم ذلك لينجز وعده، واختار بعض المحققين تقدير المحذوف مؤخرا لكن لا يحسن تقديره قبل قوله تعالى: { ويجزيهم } وان قدر قبل يعلمون طال الفصل، ويجوز أن يكون المعنى ذلك جزاء الذين أحسنوا أعمالهم ليكفر فتعلق بالمحسنين.

{ ويَجْزيهم } يعطيهم { أجْرهُم } ثوابهم { بأحْسَن الذي كانُوا يعْمَلون } كما يقال: أعطيته حقه بالكيل الأوفى، واسم التفضيل هنا مضاف للمفضل عليه، أى بنوع من الخير أفضل من أعمالهم، فانها لا توجب ولو قليلا منه، لكن الله جعل ذلك من فضله، فأحسن هو خير الله لا أعمالهم، ويجوز أن يكون أحسن هو أعمالهم، بمعنى بما هو الغاية من أعمالهم، أى بعملهم الأفضل، أى على أعمالهم الحسنة كلها، ولو المفضول منها، ثواب عملهم الأفضل كأنهم لم يعملوا إلا الأفضل، وقيل: الأحسن الواجب والمندوب اليه، والجزاء انما هو عليهما والحسن المباح.