الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ }

{ إن يُوحَى إليَّ إلاَّ أنَّما أنا نذيرٌ مُبينٌ } أى إلا أنت نذير مبين، أى ظاهر أو مظهر لما خفى من الحى، والجملة معترضة بين إجمال اختصاصهم المذكور وتفصيله فى قوله:

{ إذْ قال ربُّك للملائكة } إلخ شامل لإبليس إذ نشأ فيهم كواحد منهم، أو هو من ملائكة يسمون جنا، ونائب فاعل بوحى المصدر من قوله: " أنا نذير مبين " وإن جعلناه ضمير حال الملأ الأعلى، أو ضمير ما يوحى اليه على العموم، أو جعلناه الى قدر حرف التعليل قبل، إنما أى ما يوحى إلى َّ حال الملأ، أو ما يوحى الىَّ ما يوحى، أو ما يوحى إلى إلا لأنما أنا نذير مبين، أى إلا انحصار شأنى فى النذارة غير خارج الى الكذب والسحر، فالحصر إضافى، وإذ قال بدل من:إذ يختصمون } [الصافات: 69] بدل كل، أو بدل بعض، لأنه قد لا يحتاج بدل البعض أو الاشتمال الى الراب، أو مفعول لا ذكر، وأسند الاختصام الى الملأ الأعلى، مع أن التقاول كان بينهم وبين الله تعالى كما قال: { إذ قال ربك } لأن القائل ملك عن الله يختصم مع سائر الملأ.

وإسناد القول الى الله مجاز، واعتقاد أن الله من الملأ الأعلى حرام، فالملك قاول عن الله تعالى مع سائر السجود، ومع آدم فى قوله:أنبئهم بأسمائهم } [البقرة: 33] وقيل: اختصام الملأ الأعلى اختصام الملائكة فى الدرجات والكفارات، أوحى الله سبحانه وتعالى اليه، أو ألهمه أن الدرجات اطعام، وافشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، وأن الكفارات إسباغ الوضوء على المكاره، وانتظر الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام الى الجماعات، ومن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وخرج من خطاياه كيوم ولدته أمه.

وفى رواية قلت لبيك وسعديك، فعلمت ما بين المشرق والمغرب، ويروى: فأوحى الله تعالى اليه: سل يا محمد فقال: " اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات وحب المسكين وأن تغفر لى وترحمنى وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنى اليك غير مفتون، اللهم انى أسألك حبك وحب من أحبك، وحب عمل يقربنى اليك " قال صلى الله عليه وسلم: " تعلموهن وادرسوهن فانهن حق " ومن الفتنة دعوى أن لله أنامل،وأنهن باردة، وأنه وضعهن بين كتفيه صلى الله عليه وسلم، أنه وجد بردها بين ثدييه، وأنه تعالى جاءه فى صورة حسنة ومن أحبه الله، ورد مثل هذه البدع فلا بأس، وله ثواب عظيم، ومعنى اختصاصهم فى الدرجات والكفارات اختلافهم فى قدر ثوابهن، لكن لا يظهر تفسير الاختصام فى الآية بذلك، لأنه لا يعرفه أهل الكتاب، ولا يسلمه المشركون، فهو اختصام آخر غير مراد فى الآية، وقيل اختصامهم مناظرتهم فى استنباط العلوم كالعلماء الآدميين، والذى يظهر وتنص عليه الأحاديث أن شأنهم غير هذا وأنه فى شأن آدم.

السابقالتالي
2