الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ }

{ يا داود إنَّا جَعَلناك خَليفةً } عنا أو عن الأنبياء قبلك، وغير الرسول خليفة عمن قبله، لا يقال عن الله الا توسعا { في الأرْض } فى الحكم بالحق، وقتال العدو كما قيل: ادعى ابنه ايشا الملك فى أيام بكائه وتبعه أهل الزيغ من بنى اسرائيل وأفسد، ولما غفر له وقام قاتلهم وهزمهم، والجملة مفعول لحال من الضمير فى غفرنا، أى قائلين: يا داود، ومفعول لمعطوف أى غفرنا، وقتلنا يا داود، وفى الآية كما قال ابن العربى دلالة على احتياج الأرض للخليفة، ولا واجب على الله.

{ فاحْكُم بيْن النَّاس بالحقِّ } بما شرعه الله، ومن التكلف أن يقال: الحق اسم الله فيقدر بحكم الله اذا احتيج الى تقدير، المضاف وهو حكم فاستغن عن تقديره بتفسيره الحق بالشرع، وهو الحكم، ولا سيما قوله: { ولا تتَّبع الهَوَى } يناسب تفسير الحق بالشرع، وهو حكم الله تعالى، والمراد: دم على الحكم بالحق ومخالفة الهوى لا تتبعه فى الدين ولا فى الدنيا، كما فانه ما حكم بالجور قط، ولا اتبع هواه فيه، وقد يقال: المراد بالهوى مثل ما صدر عنه، وغفر له، ويقال نفس خطؤه فى كفه لئلا ينساها، وكلما رآها اضطربت يداه، وما رجع رأسه الى السماء بعدها حتى مات.

وكل من الأمر بالحكم، والنهى عن اتباع الهوى مفرع على جعله خليفة فى الأرض، لأن استخلافه يقتضى أن لا يملكه أحد غيره { فيضلُّك عَن سَبِيل الله } أى عن الدلائل الدالة على توحيده، سبحانه وتعالى { إنَّ الَّذين يضلُّون عن سَبيل الله } أى عن الايمان بالله تعالى، ولا يتبعون الطريق القويم الذى يدعو الى الايمان، والوصول الجنة.

{ لَهْم عذابٌ شَديدٌ بما نَسُوا } أى لهم عذاب مؤلم بسبب نسيانهم، وبعدهم عن الهداية والرضا { يَوم الحِسَاب } يوم القيامة المرتب عليه تركهم الايمان، ولو أيقنوا وآمنوا بيوم الحساب، لآمنوا فى الدنيا واتبعوا الرسل.