الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ }

{ إذْ دَخلُوا عَلى داوُد } إذ بدل من اذ الأولى على الاتساع المذكور، لا بدل اشتمال، لأن بدل الاشتمال ملابس للمبدل منه بغير الجزئية والكلية، واذا اعتبرنا وقت الدخول جزءا من ذلك المتسع، كانت الملابسة بالجزئية والكلية، وجاز كونه مفعولا به لا ذكر محذوفا { فَفَزعَ } انقبض خوفا من الأذى، اذ دخلوا من غير الباب وبلا اذن مع كثرة الحرس، مع طول الحائط، ولأن ذلك ليلا، ولأن كل آخذ برأس الآخر، وقيل خاف أن يكون قومه اجترءا على دين الله، فدخلوا بلا اذن، وذلك بعد منع الحرس لهما يوم عبادته، وكأنه قيل: فما وقع بعد فزعه، فأجاب سبحانه وتعالى بقوله: { قالوا } أى الاثنان المعبر عنهما بضمير الثلاثة فصاعدا، ومن الجائز أن يكون معهما ملكان آخران كالشاهدين والمعينين، فكان القول من أحد الأربعة { لا تَخَف } منا { خَصْمان } أى فينا خصمان، أو القائل أحد الخصمين، نحن خصمان وهو أنسب بقوله:

{ بَغَى بعْضُنا عَلَى بعْضٍ } والمراد إنا بصورة خصمين، بغى أحدهما على الآخر، وأبهما عنه لا كذب فى ذلك، ويجوز نحن فوجان خصمان كما مر، وكل ذلك الىعزَّني في الخطاب } [ص: 23] محكى بقالوا، قيل: يجوز أن يحكى به لا تخف، وقوله: { خصمان } الىفي الخطاب } [ص: 23] منصوب بقول محذوف، قالوا: لا تخف فسكتوا، فقال عليه السلام: ما لكم؟ فقالوا: خصمان، ولا دليل على هذا.

{ فاحْكُم بيْنَنا بالحقِّ ولا تُشْطط } لا تبعد عنه بأدنى جور، ذلك منهما حرص فى اظهار الحق، وتأكيد فى نصح داود عما صدر منه، ولا يرتابان فى أنه يعدل ويرجع الى العدل { واهْدِنا إلى سَواءِ الصِّراط } الصراط السواء أى المستوى الذى لم يعوج بالجور.