الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ }

{ إنَّا سخَّرنا الجِبَالَ معَهُ } متعلق بسخرنا، والمعنى متابعتها له فى التسبيح، ولذلك لم يؤت باللام بدل مع، كما أتى بها فى الريح لسليمان اذ كانت له بطريق ملكه لها، واستعماله لها حيث شاء، ومتى شاء وقدم مع فى سورة الأنبياء مسارعة لذكر داود، إذ ذكر معه سليمان ومسارعة للتعيين، وتعليق مع هنا بقوله: { يُسَبِّحن } أقرب منه فى سورة الأنبياء، وليس للحصر لأنهن يسبحن أيضا بغير حضرة داود، بل على طريق الاهتمام بالمعية، والله لا يهتم حاشاه، والمراد الترجيح وتسبيحهن بنطق اذا شاء الله سبحانه أسمعه احداكما، سمع تسبيح الحصا فى يده صلى الله عليه وسلم، ثم فى يد الصديق رضى الله عنه، وقيل: تسبيحهن وجودهن بايجاد الله لهن، وخضوعهن لما يكون عليهن، ويضعف قوله:

{ بالعَشيِّ والإِشْراق } الا أن يريد بهما عموم الأوقات، بل الأظهر أن المراد العموم، كان التسبيح منهن تطبيقا أو حاليا، هكذا يسبحن اذا سبح، ويزدن وحدهن، والمضارع للتجدد، والجملة حال من الجبال، أو مستأنفة لبيان الوقت، وتتقوى الحالية بمقابلة محشورة، والعشى من زوال الشمس الى الصبح، والاشراق مصدر أشرقت، أى صفا ضوؤها، وذلك وقت ارتفاعها عن الأفق أفق البلد، وهو الضحى الصغير، وفيه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هذه صلاة الاشراق " سمى الوقت بالمصدر كما سمى بالإبكار، ومر عن ابن عباس: أن كل تسبيح فى القرآن صلاة ما لم يمنع مانع، فأخذ الضحى من الآية، وتسبيح الجبال غير صلاة وتسبيح داود صلاة أو غيرها، وهو حقيقة فى الكل، ويقدم قول مثبتى صلاة الضحى، فقدم على قول عائشة، لأن الحافظ حجة، ولا سيما مع كونه أكثر، والمثبت مقدم على النافى، وسنة الفجر والمغرب والعشاء والتراويح أفضل من صلاة الضحى، وهى أفضل من غيرها.

وذكر ابن حجر أنه لا تسن صلاة الضحا جماعة ركعتين عقب الاشراق وقت خروج وقت الكراهية، أى ولا سيما أكثر من ركعتين، وفى الحديث: " صلى عام الفتح فى مكة صلاة الضحا ثمانى ركعات فى بيت أم هانىء بأربع تحيات وتسليم واحد كأخف ما يكون من صلاته بعد اغتسال " ويروى " أنه كان يغتسل وفاطمة رضى الله عنها تستره، وسلمت عليه أم هانىء فقال: " من هذه؟ " قالت: أنا أم هانىء، فقال: " مرحبا بأم هانىء " فصلى، وقال: " هذه صلاة الإشراق " " اشارة الى ركعتين صلاهما فى بيتها فى يوم آخر غير الثمانى، والغسل فى بيتها، وقيل فى غيره.