الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ }

{ اصْبِر عَلى ما يقُولُون } مما يطيق القلب لمخالفة الحق { واذْكُر عَبْدنا داوُد } أى قصته لهم اذنا له ما ناله من الغم على ارتكاب ما هو خلاف الأولى، وأدام ندمه تائبا مع ملكه العظيم ونبوته، فكيف حالكم وقد أصررتم على الكفر، واذكرها لنفسك لتتحفظ عما يكره، وتصبر كما صبر { ذا الأيْد } أى القوة فى الدين، فكن مثله وهو اسم مفرد أخيره دال، وأوله همزة، ووسطه ياء، " وكان صلى الله عليه وسلم اذا ذكر داود قال: " هو أعبد البشر " " رواه أبو الدرداء، وعن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم، لا ينبغى لأحد أن يقول: أعبد من داود، أى أن يقول إن محمداً أعبد من داود، أو أراد أحدا من الأنبياء، ويروى أنه كان يصوم يوما ويفطر يوما، ويقوم نصف كل ليل، وجعل يوما للعبادة، ويوما للقضاء، ويوما لنفسه، ويوما للوعظ، وعنه صلى الله عليه وسلم: " أحب الصيام الى الله تعالى صيام داود كان يصوم صوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة الى الله تعالى صلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثله وينام سدسه ".

{ إنَّه أوَّابٌ } رجَّاع الى الله عز وجل عن البطالة بالطاعة والتسبيح والاستغفار، ومن ذلك ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن داود عليه السلام أو غيره يذكر ذنوبه فى الخلوة عن الناس فيستغفر الله تعالى " وفسر الآية به، ونفهم أن الخلوة ليست شرطا فى الأوب، ولكنها واقعة حال داود، ومن العجيب أن يوجد للكلمة معنى صحيح فى العربية، ويحملوها على العجمية مثل أن يقول: الأواب فى الآية لفظ حبشى معناه المسبح، والجملة تعليل لقوله: { واذكر عبدنا داود ذا الأيد }.