الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ }

{ فإذا نَزَل } العذاب { بسَاحَتهِم } العطف على محذوف أى أخطأوا فاذا نزل بساحتهم لم يقدروا على شىء من رده، وهو واقع، ولا بد، والساحة المكان الواسع عند الدور، أو فى قربهم، وذلك المراد أو المكان الواسع مطلقا، وليس مرادا فى الليل، ويقال: نزل بساحته، أى نزل به وهو المراد، شبه العذاب بجيش هجم على قوم غافلين، مع أنهم أنذروا، وذلك مكنية، والنزول تخييل باق، أو استعارة، والأولى حمل الكلام على الاستعارة المركبة، فانه لا يعدل عنها ما وجدت بلا تكلف ولا تكلف هنا.

{ فساء صباحُ المُنْذرين } المخصوص بالذم محذوف، أى صباحهم والصباح مطلق الوقت، ووجهه أن أكثر وقائع العرب تكون صباحا، وكثيراً ما يسمون الغارة صباحا إطلاقا لاسم الزمان على ما وقع فى الزمان، ويجوز حمل الآية عليه، وأل للجنس لا للعهد لتفاد فائدة المخصوص بعد العموم، وقيل ضمير نزل للنبى صلى الله عليه وسلم، فيراد نزوله يوم الفتح، ويجوز أن يفسر ببدر لأنه لا يشترط فى نزل كذا بساحة كذا الدور أو المنازل، بل يكنى به عن مطلق نزول السوء مطلقا، ولا سيما أن للمشركين خيما ومنازل، أو لا يفسر بنزوله على خيبر، ولو قال حين نزوله عليها: " الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين " لأن آية السورة مع مشركى مكة، وهى متقدمة النزول على حصار خيبر، نزلت قبل فحكاها عنده، وزاده تسلية وتأكيدا لعظم مساره ومضار عدوه بقوله:

{ وتولَّ عنْهُم حتَّى حين * وأبْصِر فَسَوف يُبْصرون } حتى كأنها تسلية جديدة، ويحسنها أيضا الفصل بما يغيظهم وهو قوله تعالى:أفبعذابنا } [الصافات: 176] الى " المنذرين " وأجيز أن يراد بالأول عذاب الدنيا، وبالآخر عذاب الآخرة، ويناسبه التغاير بحذف مفعول أبصر فى الثانى، وهو بالآخرة أنسب لبعدها باعتبار الدنيا.