الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ }

{ فَنَبذناه } طرحناه أمرنا الحوت بطرحه فالاسناد مجاز عقلى، والطارح بالفعل الحوت، والنبذ الطرح قدام أو أمام أو غيرهما، مع عدم الاعتداء، والمراد مطلق الالقاء الشامل للالقاء مع احترام استعمال للمقيد فى المطلق، وذلك أن الله عز وجل لم يطرح قدر يونس بما فعل، والحوت عارف لقدره باعلام الله عز وجل { بالعَراء } فى موضع خال عن ساتر من بناء وشجر وصخر وغار ونحو ذلك، بأن مد الحوت نفسه من البحر، فألقاه بلين أو مشى فى البر فألقاه كذلك، ورجع حيا الى البحر بإذن الله عز وجل.

روى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن الحوت نزل بيونس حتى وصل الأرض، وسمع تسبيح الأرض، فنادى أن لا اله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين، فانتهى صوته الى العرش، فقالت الملائكة: يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غربة، قال سبحانه وتعالى: وما تدرون ماذاكم؟ قالوا: لا يا ربنا، والله عالم بأنهم لا يدرون، قال: ذلك عبدى يونس، قالوا: الذى كنا لا نزال نرفع له عملا مقبولا، ودعوة مجابة؟ قال: نعم، قالوا: يا ربنا ألا ترحمه بما كان يصنع فى الرخاء وتنجيه من البلاء؟ قال: بلى فأمر الله عز وجل الحوت فلفظه " ، وذلك فى البحر المالح، لما روى أنه طاف به فى البحار السبع، وروى أنه نبذه على شاطىء دجلة، أى مما يلى البحر المالح، والله أعلم بمقدار مكثه، فقيل: ثلاث ليال، وثلاثة أيام، وعن سعيد بن جبير: سبعة أيام، وعن الضحاك عشرون يوما، وعن ابن عباس أربعون، ولا أكل له ولا شرب فى ذلك كله كالملك.

{ وهُو سَقِيمٌ } بمكثه فى البطن، ورقة جلده لذلك كالجنين، وزعم بعض أنه ما بين الضحى والعشية.