الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }

{ وباركنا عليه وعلى إسحاق } أفضنا على ابراهيم واسحاق بركات الدين، كجعل أكثر الأنبياء والرسل منهم، والدنيا كتكثير نسلهما، وجعلهم ملوكا، وايتاء ما لم يؤت أحدا من العاملين، قيل: باركنا عن ابراهيم فى أولاده، وعلى إسحاق بأن أخرجنا من صلبه ألف نبى، أولهم يعقوب، وآخرهم عيسى، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام { ومِن ذُرِّيتهما مُحْسنٌ } بالايمان والعبادة والأمر والنهى، ونفع عباد الله فى دينهم ودنياهم { وظالمٌ لنَفْسه } بالأشراك وما دونه من المعاصى { مُبينٌ } ظاهر الظلم، ولا يلزم أن تكون ذرية الصالح صالحة، ولا عيب على الصالح بفساد ذريته، امتن الله عز وجل على ابراهيم بالذبيح وهو اسماعيل، وبابنه اسحاق هذا الممدوح، وإسماعيل هو أكبر سناً، فما الحكمة فى دعوى تعدى الذبيحية عنه الى من بعده، وأى دليل وهو أيضا يذكر قبل إسحاق اذا ذكرا فى القرآن كما يقدم اسحاق على ابنه يعقوب، وكما قدم اسحاق على يعقوب فى الهبة إذ قال:ووهبنا له إسحاق ويعقوب } [الأنعام: 84] لتقدمه بالزمان.

قال الله تعالى:وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [البقرة: 136] وقال تعالى:أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [البقرة: 140] وقال عز وجلقل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [آل عمران: 84] قال عز وجل:وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [النساء: 163] وقال تبارك وتعالى:قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } [البقرة: 133] وعلى أن الذبيح اسماعيل: على وابن عمر وأبو هريرة وكثير من الصحابة والتابعين، وغالب المحدثين، ونسب لعلماء الصحابة ويناسب ذلك وصفه بالصبر فى قوله عز وجل:وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين } [الأنبياء: 85] ويصدق الوعد فى قوله:إنه كان صادق الوعد } [مريم: 54] فناسب قوله:ستجدني إن شاء الله من الصابرين } [القصص: 27] ويناسب ذلك أيضا شهرة لأن قصة الذبح فى مكة، وشهرة تعلق قرنى الكبش بالكعبة حتى احترقا حين احترقت أيام حصار الحجاج ابن الزبير ويناسب توارث قريش لهما خلف عن سلف.

ويناسبه ما رواه الحاكم والطبرى بسنده الى معاوية: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه أعرابى فقال: يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا، والماء عابسا، هلك المال، وضاع العيال، فعد على مما أفاء الله تعالى عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الذبيحين أبو النبى صلى الله عليه وسلم استضعفت قريش عبد المطلب، وأيضا تمنى أن يجد من يعينه على حفر زمزم حين أمر بحفرها، فنذر ان رزق عشرة أولاد أن ينحر عاشرهم، فكان أباه صلى الله عليه وسلم، فأمرته كاهنة أن يقربه وعشرة من الابل ويقرع، فكلما وقعت القرعة عليه زاد عشرة حتى تمت مائة وقعت عليها، فكانت فداء له، وكانت دية للرجل.

السابقالتالي
2