الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }

{ إلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَة } أخذ من كلام ملائكة تحت السماء أو فوقها، مع بعد المسافة، والله قادر، والله خلقهم على جهر الصوت، ولا يطيقون الاسرار، والخطف أخذ بخفة وسرعة مطلقا، ولا يشترط غفلة المأخوذ منه، والاستثناء متصل من واو يسمعون لا كما قيل: إنه منقطع، وأن من شرطية وجوابها أتبعه من قوله: { فأتْبعَه شَهابٌ ثاقبٌ } لأن الجواب ماض مجرد عن حرف النفى، وقد متصرف لا يقرن بالفاء، فيحوج الى دعوى زيادتها، أو تقدير فهو اتبعه أو فقد اتبعه، وهو بمعنى تبع متعد لواحد.

والشهاب شعلة نار يشعلها الملك من ضوء الكوكب، فيصير الضوء محرقا من حينه، أو حين يصل محل الجن، على أن الكواكب تحت السماء على ما مر، أو فى سطحها ولو بعدت المسافة، والله قادر ولا ينقص ضوء الكوكب، أو يرد الله مثل ما أخذ، وتلك الشعلة هى نفس الضوء لا بشىء آخر كحطب يقبس من النار، وقيل: الشهب كواكب صغار لا ترى إلا حال الرمى بها، ليست من نجوم السماء الثوابت، ولا السيارة.

قال ابن سيرين: كنا مع أبى قتادة الأنصارى على سطح فانقض نجم فأتبعناه أبصارنا، فنهانا وقال: لا تتبعوا أبصاركم، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك، وضمير النصب فىوجعلناها رجوما للشياطين } [الملك: 5] على طريق الاستخدام، وثاقب يثقب الجو بضوئه، أو يثقب المسترق، أى فى الجملة، فان من المسترقين من يحترق ولا يموت، فيصير كالمجنون قيل: يضل الناس فى البرارى، وقيل: كل من أصابه ملك، وعن ابن عباس: تصيب كل من رمى ألا أنه لا يموت.

وكان القذق قبله صلى الله عليه وسلم، وقيل: حدث عند ميلاده، والصحيح تقدمه، وعند ميلاده اشتد وكثر، وكانت الجن تدخل السماوات، ولما بعث عيسى عليه السلام أو ولد حجبوا عن ثلاث، ولما ولد النبى صلى الله عليه وسلم حجبوا عن الأربع البواقى، وانما تصعد للاستراق مع مشاهدة الموت به، أو الضرر به لشدة الحرص عله حتى أنه يحترق الأعلى، ويلقى الكلمة للذى تحته قبل خروج روحه، قيل: ولأن القذف بالشهب ليس للاستراق خاصة، أو لأنهم لا يدرون بموت من تصيبه، وللرغبة فى المدحة بقوة الاستراق عند سائر الجن، وعند الكهنة، ومن تلقى إليه.