الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }

{ فلا يحْزنُك } عطف على الاسمية قبلها عطف إنشاء على إخبار، وفعلية على اسمية، أو جواب شرط، أى إذا كان حالهم مع ربهم، هذا الرد عليهم، واعداد النار لهم ولآلهتهم، قيل: وأيضا كان رأيهم عبادتا مع أنا لا نفع فيها فلا يحزنك { قَولهُم } أن لله شركاء، وأنك شاعر وكاذب ونحو ذلك، والنهى فى اللفظ من نهى الغائب، وهو قولهم نهى قولهم عن أن يؤثر فيه صلى الله عليه وسلم حزنا، والمراد نهيه صلى الله عليه وسلم أن يتأثر بالحزن لذلك القول، كأنه قيل: لا تحزن بقولهم، وذلك أبلغ من هذا، لأنه نهى عن أن يأتيه حزن فضلا عن أن يؤثر فيه، وعلل النهى تعليلا جمليا مستأنفا بقوله:

{ إنَّا نعْلمُ ما يُسرون وما يُعْلنون } علمه تعالى كناية عن عقابهم، أو مجاز مرسل لعلاقة السببية واللزوم، فلعلمه بما فعلوا يعاقبهم، وهو حكيم اقتضت أنه لا بد يعاقبهم، وأنه لا يخلف عنهم الوعيد، ولا عن رسوله الوعد، والانتقام منهم حسن يلتذ صلى الله عليه وسلم به،واطلاق العلم على نفس ما يخفونه من الإشراك والمعاصى بالقلب، والجارحة أولى من إطلاقه على نفس الاخفاء والاعلان لأن العقاب على حبات الخردل من نفس ما عملوا، بل نفس الاخفاء والإعلان أيضا مما عملوا، فما موصول اسمى لا مصدرية، ولو أمكنت وقدم الإسرار، لأن المشركين يتوهمون أنه تعالى لا يعلمه ولأن الخفاء دائما متقدم على الإظهار، ولو بتقدم عزم القلب ولطريق الاهتمام باصلاح السر.

وزعم بعض أنه قدم تلويحا الى أن علم السر عنده تعالى كأنه أقدم من علم العلن، ومفعول القول محذوف، ومر تقديره وأجيز أن يكون هو قوله: { إنا نعلم } إلخ على التهكم، أو على تشديد التحريض على اعتقاد ذلك، حتى كأنهم اعتقدوه مع بعدهم عنه، ومع البعد عن العمل بمقتضاه، كما شدد على الترك مع البعد عن الفعل فى قوله تعالى:ولا تكونن من المشركين } [الأنعام: 14] إذا كان خطابا له صلى الله عليه وسلم، وهذا كلام على الجواز، وأعمل بالوقف على قولهم وبحذف المقول، ويجوز الوصل مع عدم اعتقاد أن مقولهم انا نعلم إلخ.