الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ }

آية خبر للمصدر، أى حملنا ذرياتهم فى الفلك المشحون، وخلقنا لهم من مثله ما يركبون آية لهم باسكان ميم حملنا، ولام خلقنا، ورفعهما فى التقدير، والذرية الأولاد الصغار والكبار، ويطلق على الواحد ذكراً أو أنثى فصاعدا حقيقة فى كل ذلك فى الجمع فقط، كما قيل، والمراد هنا الصغار، وفسر بالنساء كما ورد فى الحديث نهى عن قتل الذرارى، وفسر بالنساء والصواب أنه الصغار وأما النهى عن قتل النساء ففى حديث آخر، نعم فى حديث آخر عن حنظلة الكاتب، كنا فى غزاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى امرأة مقتولة فقال: " هاه ما كانت هذه تقاتل الحقْ خالداً وقل لا تقتلن ذرية ولا عسيفا " أى أجيراً.

ووجه التفسير بهن ضعفهن، ومع ضعفهن يجاوزن البحر بالفلك وهذا امتنان، وكذا اذا فسر بالصغار لضعفهم، فإن صح حمل الذرية على النساء لغة، فالأولى أن المراد فى الآية الصغار والنساء، ثم إذا كان يطلق على الكبار فهم المراد، لأنهم يبعثونهم فى الفلك للتجر وذلك امتنان أو المراد الكبار والصغار والنساء لما ذكر من التجر والضعف واللفظ من الذرء بمعنى الخلق، قلبت الهمزة ياء فأدغمت فيها الياء، وقيل أصله ذروية قلبت الواو ياء وأدغمت فى الياء لاجتماعهما وسكون السابق منهما، وقيل: فعليه كقمرية، والفلك السفينة سميت لأنها تدور فى الماء، وليس من شرطها الدور والمشحون المملوء، أى مع امتلائه لا يغرق بما فيه، أو بوصفه بالشحن لأن ما خف من السفن مظنة للعب الريح به، وهم لا يسافرون بها خالية، وكون الفلك للجنس ظاهر لا يحتاج الى روايته عن ابن عباس، كما روى.

اللهم إلا أن يراد بالرواية عنه رد ما قالت الشيعة: الذرية نطف علىّ وذريته فى الفلك أى فى البطن، وردها قيل: إنه سفينة نوح، وما قيل: إنه السفن والزوارق بعدها، والمحمول نطفهم فى أصلاب آبائهم المحمولين، والهاء فى لهم على كل حال للمشركين مطلقا، وقيل لأهل مكة، وقيل للعبادة فى قوله تعالى:يا حسرة على العباد } [يس: 30] مع بعده، وأجيز رد الثانى للذرية، والمراد بما يركبون الإبل، كما شهر أنها مثل الفلك، وأنها سفائن البر كما قيل سفائن بر، والسحاب بحارها، ويبعد تفسيرها بالأنعام، لأن الغنم لا تحمل الانسان، والأولى تفسيرها بالابل والبغال والحمير والخيل والبقر، كما ذكر فى القرآن بالحمل، وسفن النار داخلة فى الفلك إذا كانت فى البحر، وما كان منها فى البر، فهى وأفعال صناعها مخلوقة لله عز وجل.