الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ }

{ والشَّمْس تَجْري لمُستقر لها } جملة معطوفة على جملةوآية لهم الليل نسلخ منه النهار } [يس: 37] أو الشمس معطوف على الليل، وتجرى مستأنف أو حال على جواز الحال من المبتدأ، لأن الشمس معطوف على المبتدأ ولها على كل حال نعت مستقر، ومستقر اسم مكان ميمى، وهو هنا الحد الذى تنتهى اليه من فلكها فى آخر السنة كمقر المسافر، إلا أنه يمكث فيه، والشمس لا تزال تتحرك، وتكون الشهود بذلك.

فسمى المحرم: لتحريم القتال فيه ولو فى الجاهلية، لتعظيمه.

وصفر: لخلو مكة فيه من أهلها، أو لصفرة وجوههم فيه لمرض، أو لصفير ابليس للناس بالقتال بعد المحرم.

والربيع الأول والثانى: للخصب الواقع فيهما، وقيل: الأول لأنه صادف أول الخريف: والآخر لأنه صادف آخر الخريف.

وجمادى الأولى والثانية: لجمود الماء فيهما.

ورجب: لعظمته فى الجاهلية قبل الإسلام أو لثقل حمل الأشجار حتى جعلوا لها عمداً.

وشعبان: لتشعب قبائل العرب فيه، أى تفرقها، وقيل لتشعب الخير فيه.

ورمضان: لاحتراق الذنوب فيه أو لمصادفة الحر الشديد فيه، وهو أولى، لأنه لم يختص بالاسلام.

وشوال: لأن الإبل شالت أذنابها فيه للقاح، أو لأن قبائل العرب شالت عن مواضعها، أى تفرقت، أو لأنهم صادوا فيه، يقال أشلت الكلب أرسلته للصيد.

وذو القعدة: لأنهم يقعدون فيه عن الحرب.

وذو الحجة: لأنهم يحجبون فيه.

ولام { لمستقر } بمعنى الى كما قرىء بإلى، وأجيز أن تكون تعليلية وأن يكون المعنى تجرى لمنتهى لها من المشارق اليومية، والمغاربة اليوميه، لأنها تتبعها مشرقا مشرقا، ومغربا مغربا، حتى تبلغ أقصاها وترجع، فذلك حدها ومستقرها لا تعدوه، واللام بمعنى الى، أو للتعليل ومستقر اسم مكان، وكذلك إذا قلنا: إن المعنى تجرى لحد لها من مسيرها كل يوم فى رأى أعيننا، وهو المغرب، أو تجرى لكبد السماء ودائرة نصف النهار، وذلك مجاز عن الحركة البطيئة، ويجوز أن يكون مستقرها غاية ارتفاعها صيفا، وغاية هبوطها شتاء، ويجوز أن يكون المستقر مصدرا ميميا بمعنى الاستقرار والمكث فى كل برج من البروج الاثنى عشر، فاللام داخلة على الغاية والحاصل.

وقال قتادة ومقاتل: تجرى الى انقضاء الدنيا فمستقر اسم زمان ميمى، وجاء فى أحاديث أنها تسجد تحت العرش، وهى تدل أن المستقر اسم مكان، وأنها تمسك عن الجرى حال السجود حتى زعم بعض عن عكرمة أنها تبيت الليل كله ساجدة، وجاء أنها تطلب الله فى سجودها أن لا تطلع، لأنها تعبد من دون الله، وأنت خبير بأنها تدور الى جهة الشمال دائما إذا غربت، وأنه لا وقت هو ليل على الدنيا كلها، فوقت واحد يكون ليلا على أهل موضع، ونهارا على أهل موضع آخر، والأوقات كلها متتابعة كذلك، ففى أى ليل من ليالى الدنيا تسجد، فى ليل مضاب، أم فى ليل عمان، وهكذا، أو آمنا بالحديث، ولعل المراد دليل قائل ذلك صلى الله عليه وسلم وهو ليل مكة أو المدينة، أو ليل الخارج عن المعمور، ولو كان ذلك نهارا فى أماكن كثيرة، والظاهر الأول، أو تسجد مع سير، وقد قرأ ابن مسعود: والشمس تجرى لا مستقر لها، أى تجرى أبدا لا وقوف لها الى يوم القيامة، والشمس والقمر، والنجوم خلق الله لها تمييزا مع أنها جمة، وقيل لها روح وحياة.

السابقالتالي
2