الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }

{ ومن النَّاس والدَّوابِّ والأنعام مُخْتلف ألْوانه } فريق من كل تلك الأنواع مختلف مع الفريق الآخر من النوع الواحد، فمن الناس فريق مختلف مع الفريق منهم، ومن الدواب فريق مختلف مع الفريق الآخر منها، وكذلك الأنعام، وكذلك كل فريق متعدد من النوع الواحد، مختلف مع الآخر منه،وكذا كل نوع مخالف لنوع الآخر كالناس مع الدواب، أو مع الأنعام، كذا كل فرد مع فرد من نوع واحد، أو نوعين أو أنواع، وكل ذلك داخل فى الآية، ويجوز اطلاق الفريق على الفرد باعتبار مباينته للفرد الآخر فصاعدا، والمراد بالدواب سائر ما يدب غير الناس والأنعام من الحيوانات الانسية الوحشية { كذلك } اختلافا ثابتا كذلك الاختلاف المذكور للثمرات والجبال.

{ إنَّما يَخْشَى الله مِن عِباده } خوف إجلال { العُلماءُ } قدم لفظ الجلالة ليتسلط الحصر على العلماء، وهو المراد، أى ما يخشاه إلا العلماء، ولو أخر لكان المعنى لا يخشى العلماء إلا الله، وليس مرادا، ولو صح فى الجملة كقوله:ولا يخشون أحداً إلا الله } [الأحزاب: 39] وساغ حصرها فى العلماء، لأن المقصود بها الخشية التامة، والمراد بالعلماء العالمون بحق الله، المذعنة له جوارحهم وقلوبهم، لا مطلق علماء علم الكلام، وعلم الفقه، وعلم الآلة، وعن ابن عباس: العلماء بجبروتى وعزتى وسلطانى، فهم أشد تعظيما له، وقد قيل: نزلت فى الصديق رضى الله عنه، وقال موسى عليه السلام: " يا رب أى عبادك أحكم؟ قال: الذى يحكم للناس كما يحكم لنفسه، قال: يا رب أى عبادك أغنى؟ قال أرضاهم بما قسمت له قال: يا رب أى عبادك أخشى: قال أعلمهم بى ".

{ إن الله عزيزٌ غفُورٌ } تعليل جملى للخشية، فهم يخشونه خوفا من عقابه لعزته تعالى، وطمعا لغفرانه لسعة رحمته، ولو كان الحصر افراديا بأن فتحت الهمزة لكان الحصر فيه أى ما خافوه إلا لأنه عزيز غفور، ولم تفتح بل كسرت.