الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

{ ما يَفتحِ الله للنَّاس مِن رحْمةٍ فلا مُمْسكَ لَها } يمسكها عنهم، من مطر وعلم، وصحة وأمن، وتوبة وحكمة، ومال وغير ذلك من الأشياء الدينية الدنيوية، وكان عروة بن الزبير يقول فى ركوب المحمل: هو والله رحمة فتحها الله، والفتح مجاز مرسل عن الإرسال أصلى، لأن الفتح عن الشىء سبب لإرساله، واشتق منه يفتح على طريق المجاز المرسل التبعى، الإعطاء، ولذلك قابله بالامساك، ومن شأن ما يعطى أن يخرج مما حبس فيه، وفى ذكر الفتح تلويح بعظم شأن النعمة أنها مما يصان، وفى تنكيرها التعميم.

{ وما يُمْسك } من رحمة مَّا { فلا مُرْسلَ له } أى لها، ولكن راعى لفظ ما كما قرىء { فلا ممسك لها } وهذا أولى من تفسيره بما يمسك مطلقا، لأنه المذكور قبل، والقراءة المذكورة، وفى تقدير الفتح إشارة الى كثرة نعمه، والى أن رحمته سبقت غضبه، كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم { مِن بَعْده } أى من دونه أو من بعد امساكه { وهُو العَزيزُ } الغالب على الاطلاق على ما يشاء من امساك واطلاق وغيرهما { الحَكِيمُ } الذى لا يفتح ولا يمسك، ولا يفعل شيئا، ولا يترك إلا بصواب، ومن أتقن الآية قل اهتمامه، وانقطع عما سوى الله عز وجل، ومتى اشتغل بغيره فببدنه لا قلبه.

قال عامر بن عبد القيس: أربع آيات ما أنا لى معهن شيئا: { ما يفتح الله } الخوإن يمْسَسْك الله بضر } [الأنعام: 17، يونس: 107] الخسيجعل الله بعد عسرٍ يسراً } [الطلاق: 7]وما من دابة فى الأرض } الخ، " وكان صلى الله عليه وسلم يقول دبر كل صلاة: لا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " أى الغنى.