الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ }

{ يا أيُّها النَّاس } مطلقا أو المعهودون بقوله:ذلكم الله ربكم له الملك } [فاطر: 13] أى ذلكم المعبود الموهوب بصفات الجلال، لا الذين تدعون من دونه وأنتم الفقراء اليه عز وجل كما قال: { أنتُم الفُقراءُ إلى الله } فى ابقائكم وجميع ما تحتاجون اليه، أو الناس الجنس أو للاستغراق والحصر مبالغة لا تحقيق، لأن غير الناس المعهودين، أو غير الناس مطلقا فقير إلى الله عز وجل أيضا، كأنه لكثرة افتقارهم وشدته هم والفقراء وحدهم، وافتقار غيرهم كلا افتقار كذا قيل:

وفيه أن افتقارهم ليس بأشد من غيرهم، وافتقار الخلق كلهم اليه على حد سواء، ومن اعتقد غير ذلك أشرك الا اعتقاده كثرة الحوائج وقلتها، مثل: احتجنا الى الأكل والشرب، والجماد لا يحتاج إليهما، والظاهر أنه لا حصر إلا بكثرة الحوائج، فان الجن لا يأكلون ولا يشربون إلا قليلا من الطعام أو شراب، أو يكتفون بالشم، وأيضا الكلام مع من يظهر العناد أو المرد بالناس ما يشمل الجن أو الخلق كلهم اطلاقا لاسم البعض على الكل، وتغليبا بخطاب العاقل، أى أنتم أيها الخلق المحتاجون الى الله عز وجل لا الله محتاج اليكم.

{ والله هُو الغنيُّ } عما سواه عبادة وغيرها { الحَميدُ } المتأهل لأن يحمده ما سواه على نعمه، اذ هو النافع للمحتاج لجوده، وذلك العموم أولى من أن يقال هو غنى عن عبادتكم أيها الناس المخصوصون، أو المطلقون بعبادة غيرهم، وهم الملائكة، ولا ينافى العموم ما روى أنه لما ألح صلى الله عليه وسلم عليهم بالدعاء الى الله عز وجل قالوا: لعل الله يحتاج الى عبادتنا فنزلت الآية، وأكد الغنى عن الخلق بقوله عز وجل:

{ إنْ يشَأ } إذهابكم { يُذْهبكُم } أيها المشركون أو العرب { ويأتِ بخَلْق جَديدٍ } يعبدونه على استمرار، أو يذهبكم أيها الناس مطلقا أو الخلق تغليبا لأولى العقل، ويأت بعالم آخر يعبدونه إذ هو مستغن قادر.