الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ }

{ أفَلم يروْا } أعموا فلم يروا { إلى ما بين أيْديِهم وما خَلفهُم من السَّماءِ والأرضِ } المراد بما بين أيديهم ما يشاهدونه من السماء والأرض، فشمل ما تحتهم من الأرض، وما فوقهم من السماء إذا نظروا الى ما فوقهم، والمراد بما خلفهم منهما ما لا يرونه لجعلهم إياه خلفهم، وإذا استقبلوه كان بين أيديهم، وغيره خلفهم، أو ما بين أيديهم ما يرون، وما خلفهم ما لا يرونه من أطراف الأرض والسماء، أعنى ما لا يرونه عارض مكة، وهم فى المدينة، وأرض المدينة وهم فى مكة، وسماء ذلك، ومن للتبعيض أى، كيف ينكرون القدرة على البعث ممن خلق السماء والأرض، وهما أقوى منهم وأكثرهم اجراء.

واختار ما خلفهم وما بين أيديهم ليدل على أنهم فى كل موقع تكون السماء والأرض بين أيديهم وخلفهم لاتساعهما، فلم يقل أفلم يروا الى السماء والأرض، وقدم ما بين أيديهم لأن المشاهد أولى من غيره.

{ إن نَشَأ } خسف الأرض بهم أو إسقاط كسف عليهم { نَخْسف بهم الأرض أو نُسْقِط عليْهِم كِسَفاً } قطعا { مِن السَّماءِ } هذا داخل فى الاستدلال مثل ما قبله، ووجه ارتباطه به أنهم مقرون بخسف الأرض بمن قبلهم، وإسقاط الكسف عليهم، أو هو ممكن عندهم، أى كيف نسبوا العجز عن البعث الى من سماؤُه وأرضه الأقويان محيطتان بهم، ومن قدر على الخسف بهم، وإسقاط الكسف عليهم، وذلك أولى من أن يقال تحذيرا: أفلا يرون الى ما يحيط بهم من سماء وأرض، مقهورا تحت قدرتنا، نتصرف فيه { إن نشأ نخسف } إلخ ومن أن يقال على وجه التحذير، كذلك أفلا يرون الى ما بين أيديهم وما خلفهم محيطا بهم، وهم مقهرون بينهما، إن نشأ، ومن أن يقال تحذيرا أيضا: أفلم يروا الى قدرة الله، فلم يخافوا أن ينتقم منهم على تكذيبه صلى الله عليه وسلم، وشتمه بالافتراء والجنون.

{ إنَّ في ذلك } أى ما ذكر مما بين الأيدى، وما خلفهم، والقدرة على الخسف واسقاط الكسف، أو أن فيما ذكر من الرؤية، وذكرها للتأويل بما ذكر، أو بالفكر، أو فى ذلك الرأى، فانه كما يقال: رأى رؤية، يقال: رأى رأيا { الآيةً } دلالة واضحة على قدرة الله على البعث، أو على قدرته على الانتقام للتكذيب، كما انتقم ممن قبلكم بالخسف والكسف { لُكلِّ عبدٍ مُنيب } راجع الى ربه بالتوبة والطاعة، ومن شأن من كان كذلك التفكر فى الدلائل.