الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَٱشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }

{ لَقَد كان لسَبأ } قوم سموا باسم أبيهم سبأ بن أشجب بضم الجيم ابن يعرب بن قحطان من العرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولد عشرة من العرب تيامن منهم ستة: الأزد، وكندة، ومذحج وأشعر، وانمار، وبجيلة، وهم من أنمار " وفى الحديث: " أنمار منهم: خثعم، وبجيلة وتشاءم منهم أربعة: عاملة، وغسان ولخم، وجذام " وسبأ أول ملوك اليمن، واسمه عبد شمس، وسمى سبأ لأنه أول من سبا من ولد قحطان، ملك أربعمائة وأربعا وثمانين سنة.

{ في مَسْكَنهم } أى الأرض التى عمروها، كما تسمى الدنيا دارا، فلا حاجة الى جعل فى مبعنى عند تحرزا عن أن يكون المساكن ظرفا للجنتين، ويقال: أيضا القريب من الشىء يجوز اطلاق أنه فى الشىء مبالغة فى القرب، والمفرد مسكن بفتح الكاف اسم مكان السكنى أى العمارة، أو مصدر أى السكنى متعلق بكان او بمحذوف حال من قوله { آيةٌ } علامة على وجود الله تعالى وقدرته { جنتان } بدل كل آيةُ، ومجموع الجنتين آية واحدة، فقد اتحد بدل الكل، والمبدل منه، ولم يضر التخالف لفظا بالإفراد والتثنية كقوله:وجعلنا ابن مريم وأمه آية } [المؤمنون: 50] إذ جعل اثنين آية واحدة إذا فسرنا ذلك بمجرد كونها والدة بلا رجل، وكونه ولد منها كذلك فلا يقدر مضاف، أى شأن جنتين، أو قصة جنتين إلا لإيضاح المعنى.

{ عَن يمين وشمالٍ } يمين بلادهم وشمالها، باعتبار الذاهب الى الأجنة، وسمى أجنة اليمين كلها جنة وأجنة الشمال جنة لاتصال نبات كل جهة، كأنه جنة واحدة، وقيل: المراد لكل أحد جنة عن يمين مسكنه، وجنة عن شماله { كُلوا من رزق ربِّكُم واشْكُروا لهُ } اخضعُوا له بالعبادة لأجل نعمه، مفعول لمحذوف، أى قال الله لهم: كلوا وذلك بواسطة نبى، أو قال لهم أنبياؤهم، أو قيل لهم، وكانوا فى ثلاث عشرة قرية فى كل قرية نبى يدعوهم الى التوحيد والشكر، وقيل القول حالى لا قالى.

{ بلْدة طيِّبة ورب غَفُور } خبران لمحذوفين، أى أرضكم بلدة طيبة، وربكم رب غفور لزلاتكم، إذا أحسنتم وطيبها كونها منبتة للثمار اللذيذة، ولا حمى فيها ولا حر ولا برد، ولا عقرب، ولا حية أو نحوهما، ولا برغوث إذا دخلها غريب بقمل أو برغوث ماتا، وصحة هوائها، وعذوبة مائها.