الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ٱعْمَلُوۤاْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ }

{ يعْملُون لَه ما يشاء } الخ تفصيل بعد اجمال { مِن محاريب } جمع محراب، والمحراب صفة مبالغة من الحرب، بمعنى كثير الحرب، أو عظيمه، سمى به لأن صاحبه صيره فى حمايته كقوله:
جمع الشجاعة والخشوع لربه   ما أحسن المحراب فى محرابه
ويطلق على ما يبنى فى قبلة المسجد يقف فيه الامام، واستحسن أن يقف خارجه، وقيل المحارب المساكن، وقيل: ما يصعد اليه بالدرج كالغرف، وقال مجاهد: المساكن، وقيل: المساجد، سميت باسم بعضها وهو محراب الصلاة أو حجرة فيها يعبد الله تعالى فيها، وكانت مساجد هذه الأمة المحمدية خالية عن المحاريب، وأحدثت بما لأهل الكتاب، وفسرها قتادة بالقصور والمساجد معا.

ويروى أن داود بنى بيت المقدس قدر قامة، فأوحى الله تعالى اليه أنى قضيت اتمامه على يد ابنك سليمان، فكف داود، ولما كان سليمان خليفة بعد موت أبيه، استعمل طائفة من الجن، بعد بنا بيت المقدس فى تحصيل الذهب والفضة من معدنهما، وطائفة فى تحصيل اليواقيت والجواهر والدر الصافى، وطائفة بالمسك والعنبر، وأمر بإصلاح ذلك ألواحا وثقب ما يحتاج للثقب، وركب ذلك كله على بيت المقدس بعد أن بناه بالرخام الأبيض والأصفر والأخضر، وقيل جعل عمده من البلور الصافى، وسقفه من الجواهر الثمينة، وأرضه من الفيروزج، فهو يضىء كالقمر ليلة البدر، وإنما بنى المسجد بعد بناء المدينة كلها بالرخام الجيد، وجعلها اثنى عشر ربضا، أنزل فى كل ربض سبطا، ولما غزا بخت نصر الشام، أخذ ذلك كله الى العراق، وبنى الجن لسليمان أيضا فى اليمن قصوراً وحصونا من الصخر عجيبة { وتماثِيل } جمع تمثال، وهى صور الملائكة والأنبياء والصلحاء، تصور فى المساجد ليتذكروا عبادتهم، فيجتهدوا، وتصوير الحيوان فى شرعهم جائز، وكانت بالنحاس والزجاج والرخام، وعن الضحاك صور حيوانات لمنع البعوض أو الذباب أو غير ذلك، حتى لا يتجاوز الموضع جنس ذلك الممثل به، وتوهم بعض أن تصوير الحيوان محرم فى شرعهم فأوله بأنه لا رأس له، وليس كذلك، فانه حلال فيه ولو مع الرأس.

ويروى أنه صوروا له أسدين تحت كرسيه يبسطان ذراعيهما إذا أرادا الصعود، ونسرين فوقه يظلانه إذا جلس بأجنحتهما، والطواويس والعقبان والنسور على درجاته وفوقه ليهابه من أرد الدنو، منه، وذلك حكمة من الله العزيز الحكيم، وأراد أفريدون صعوده فكسر الأسدان ساقه، فلم يجسر عليه أحد بعده، ومنع فى شرعنا تصوير الحيوان بالرأس، وتصوير الرأس، وجاز بلا رأس، كما جاز غير الحيوان، وأخطأ من أجاز التصوير لهذه الآية، ويرده أحاديث النهى، واختلف فى تصوير ما لا يجوز تصويره بنسج أو لطخ بلا ظل، والأحوط المنع، لأن المنع ورد أولا فى ستر بيت لعائشة فيه صور زجرها وخرقه، وحديث

السابقالتالي
2