الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ ٱلْقِطْرِ وَمِنَ ٱلْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ }

{ ولسُلَيمان الرِّيح } عطف على داود وفضلا إلا أنه ذكر اللام لطول الفصل، وكأنه قيل: آتينا منَّا داود فضلا وسلميان الريح عطفا على معمولى عامل، وكما يقال: آتيته يقال: آتيت له، أو عطف على ألنا له الحديد كلذك، أى وألنا لسليمان الريح، بمعى سخرناها له لا تعصيه، ولا يتضرر بها، وقدر بعض سخرنا لسليمان الريح، وقيل: منصوب بسخر محذوفاً، والعطف عطف علىلقد آتينا } [سبأ: 10] عطف قصة على أخرى، كانه أراد العطف على القسم المقدر وجوابه، وأولى من هذا عطفه على مدخول قد، فيتسلط عليه تأكيد القسم، وتأكيد قد.

{ غدوُّها شَهْر } حال من الريح أو مستأنفة { ورواحُها شَهْر } قيل: غدوها مسير شهر، ورواحها مسير شهر، والمسير المقدر اسم زمان ميمى، والغدو والرواح اسمان للزمان، وأصلهما المصدر أى زمان سير شهر أى السير فى ذلك كالسير فى شهر، أو قدر مسير غدوها مسير شهر، ومسير رواحها مسير شهر، والمسير فى هذا الوجه مصدر، وأسهل من ذلك أن الغدو والرواح سيران صباحاً ومساء، فيقدر سير قدر شهر فى الموضعين، قيل: أعاد ذكر شهر لأن المقام بيان للمقادير، والمقادير يغلب فيها الاظهار تقول: وزن هذا قنطار، ووزن ذلك قنطار، ولو أضمر كان استخداما كقوله تعالى:وما يعمَّر من معمَّر ولا ينَقصُ من عُمره } [فاطر: 11] أى من معمر المعمر، وليس المعمر الثانى هو الأول، مع رد الضمير للأول، روى أحمد عن الحسن: أنه يعدو من بيت المقدس فيقيل فى اصطخر، ويروح من اصطخر ويقيل بقلعة خراسان، وذلك شهران فى يوم واحد للراكب المجد، ويقال: يسير من دمشق، ويقيل بإصطخر، ويسير من اصطخر ويبيت بكابل مسيرة شهرين كذلك، ويقال: يتغدى بالرى ويتعشى بسمرقند، واصطخر من بلا فارس.

{ وأسلنا لهُ عَيْن القِطْرِ } صيرنا له عين القطر سائلا كما يسيل الماء من العين، وسمى ما فى الأرض أو الجبل من الحديد والنحاس، وهو جامد عينا على الاستعارة ورشحها بأسلنا، والقرينة القطر وهو النحاس والحديد وغيرهما، وسماه قطرا على طريق مجاز الأول من معنى قولك قطر الماء قطرا، ولا مجاز فى الاسالة، لأنها حقيقة فى كل مائع، وقيل: عين بمعنى نفس الشىء، والقطر اسم للنحاس، كما تقول: ذات الشىء، والمعنى على كل حال أسلنا له ذلك كلما شاء كل موضع أراد، فيكون ما سال بالشمع يعمل فيه ما شاء، فيرجع معموله الى أصله من الصلاة، كما ألان الحديد لأبيه داود، وان أراد تصرفا فى معموله بالنقص أو الزيادة أو التوسيع أو التضييق، أو التغليظ أو الترقيق، أو نحو ذلك كان لينا أيضا فاذا عمل ما أراد رجع صلبا، وذكر السدى، أنه أسالها الله ثلاثة أيام، وعنه ومن مجاهد: ثلاثة أيام فى أرض اليمن، وقيل: فى أرض صنعاء.

السابقالتالي
2