الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ والَّذين يُؤذون المؤمنين والمُؤمنات } فى قول أو فعل { بغَير ما اكْتسبُوا } بلا جناية اكتسبوها موجبة، فإن المؤمن والمؤمنة قد يصدر منهما ما يوجب الإيذاء، بخلاف الله ورسوله، قال عمر رضى الله عنه، لأبى بن كعب: يا أبا المنذر فى شأن قوله تعالى: { والذين يؤذون } الآية قرأت البارحة آية من كتاب الله تعالى فوقعت فى كل موقع، يعنى لعله ضرب أو حد أو كلم بسوء من لا يتأهل لذلك عند الله، بتقصير منه فقال: لست من أهلها، وإنما أنت معلم ومقوم بحسب ما ظهر لك، ولا يكلفك الله الغيب، ويروى أنه قال: " والله إنى لاعاقبهم وأضربهم فقال: لست منهم ".

{ فقد احْتَملوا بهتاناً وإثْماً مبيناً } خبر الذين، وقرن بالفاء تشبيهاً له باسم الشرط فى العموم المراد، ولو كان سبب النزول مخصوصين، فيدخلون أولا، وهم الله بن أبى، وناس معه، قذفوا عائشة رضى الله عنها، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " من يعذرنى من رجل يؤذينى ويجمع فى بيته من يؤذينى " وقوم طعنوا فى أخذ النبى صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيى رضى الله عنها، وزناة يتعرضون للاماء إذا خرجن ليلا لقضاء حاجة الانسان، وربما تعرضوا للحرائر جهلا أو تجاهلا، والمرجفون وعن مجاهد: ويلقى الجرب على أهل النار، فيحكُّون حتى تبدو عظامهم، فيقولون: يا ربنا بم أصابنا هذا؟ فيقول: بإيذائكم المسلمين.

قالت عائشة رضى الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " أى الربا أربى عند الله؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم ثم قرأ الآية " وفى الحديث القدسى: " من آذى لى ولياً فقد آذنته بحرب، ومن أهان لى ولياً فقد بارزنى بالمحاربة " وقيل: نزلت الآية فى علىّ كانوا يؤذونه ويسمعونه، وقيل فى عائشة وما قذفت به.

معنى: احتملوا تكلفوا فعل البهتان تكلفا شبيها بتكليف حمل الشىء الثقيل، وذلك فى نفس الأمر، وأما عندهم فسهل مشتهى، البهتان كذب فظيع يبهت المكذوب عليه، وقد قيل: نزلت فى من يتبع الإماء للزنى إذا خرجن ليلا لقضاء حاجة الانسان، وربما وافقوا الحرائر فيمتنعن ويشكون الى أزواجهن، فنهى الله الناس عن التطلع والايذاء، وأمر النساء بالستر فقال:

{ يا أيُّها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المُؤمنين يُدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ } معنى إدناء الجلباب تقريبه من رأسها وجسدها، بحث يسترهن بحيث لا يبقى هواء ينكشفن عنه، وعدى بعلى لتضمن معنى الإرخاء، والجلباب ثوب يسترها من فوق لأسفل، ويسمى الملحفة، وقيل: المقنعة وهى لباس الرأس وما يليه، وقيل: ثوب أوسع من الخمار، ودون الرداء، والحاصل الأمر بستر ما يبدو من أبدانهن، أو من ثياب زينتهن.

السابقالتالي
2